قال الله تعالى : (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ) (١).
وفي معاجم اللغة : الآهل الذي له زوجة وعيال ، وسار بأهله ؛ أي بزوجته وأولاده ، وأهِل الرجل وتأهّل : تزوّج ، والتأهّل : التزوّج ، وفي الدعاء : آهلك الله في الجنّة إيهالاً ؛ أي زوّجك فيها (٢). ولئن راجعت معاجم اللغة تزدد وثوقاً بذلك.
إذا عرفت هذا فلا يذهب عليك أنّ إطلاق الأهل على الزوجة بقرينة إضافته إلى الرجل لا ينافي وجود معانٍ أخرى له يستعمل فيها بقرائن معيّنة أو صارفة ، فأهل الرجل عشيرته وذوو قرباه ، ومنه قوله تعالى : (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) (٣) ، وأهل الأمر ولاته ، وأهل البيت سكّانه ، وأهل المذهب من يدين به ، ومنه قوله تعالى في قصّة نوح : (إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) الأنبياء : ٧٦.
زبدة المخض : أنّ موضوع الأهل كلّ ما له صلة من إحدى النواحي بالمضاف إليه ، فتعيّن المراد القرائن المحتفّة به كما في آية التطهير ، فالمراد بها محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين ، وقد اجتمعوا تحت الكساء فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ربّه بمنحة القداسة لهم وسمّاهم أهل بيته ، فنزل قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٤). حتى إنّ أُمّ سلمة استأذنته في أن تدخل معهم فأذن لها بعد نزول الآية ، واستحفته صلىاللهعليهوآلهوسلم عن دخولها في مفاد الآية الكريمة فقال : «إنّك على خير». إيعازاً إلى قصر هذه المنحة عليهم ، وتفصيل هذه الجملة مذكور في الصحاح والمسانيد.
__________________
(١) أحكام القرآن للجصّاص : ٢ / ٢٧٧ [٢ / ٢٢٨]. (المؤلف)
(٢) نهاية ابن الأثير : ١ / ٦٤ [١ / ٨٤] ، قاموس اللغة : ٣ / ٣٣١ ، لسان العرب : ١٣ / ٣١ [١ / ٢٥٤] ، تاج العروس : ٧ / ٢١٧. (المؤلف)
(٣) النساء : ٣٥.
(٤) الأحزاب : ٣٣.