وقوله : «لا عقوبة فوق عشر ضربات إلاّ في حدٍّ من حدود الله» (١).
فهل الخليفة قد خفيت عليه هذه كلّها؟ أو تعمّد في الصفح عنها وجعلها دبر أُذنيه؟
ـ ٥٩ ـ
نهي الخليفة عمّا أمر به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
عن أبي هريرة ، قال : كنّا قعوداً حول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومعنا أبو بكر وعمر في نفر ، فقام من بين أظهرنا فأبطأ علينا وخشينا أن يقطع دوننا ، فقمنا وكنت أوّل من فزع ، فخرجت أبتغيه حتى أتيت حائطاً للأنصار لقوم من بني النجّار فلم أجد له باباً إلاّ ربيعاً ، فدخلت في جوف الحائط ـ والربيع : الجدول ـ فدخلت منه بعد أن احتفزته ، فإذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «أبو هريرة؟» قلت : نعم. قال : «وما شأنك؟» قلت : كنت بين أظهرنا فقمت وأبطأت فخشينا أن تقتطع دوننا ففزعنا وكنت أوّل من فزع ، فأتيت هذا الحائط فاحتفزته كما يحتفز الثعلب والناس من ورائي ، فقال : «يا أبا هريرة اذهب بنعلي هاتين فمن لقيته وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلاّ الله مستيقناً بها قلبه فبشّره بالجنة».
فخرجت فكان أوّل من لقيت عمر فقال : ما هذان النعلان؟ قلت : نعلا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعثني بهما وقال : من لقيته يشهد أن لا إله إلاّ الله مستيقناً بها قلبه بشّره بالجنّة ، فضرب عمر في صدري فخررت لاستي وقال : ارجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأجهشت بالبكاء راجعاً ، فقال رسول الله : «ما بالك؟» قلت : لقيت عمر فأخبرته بما بعثتني به فضرب صدري ضربة خررت لاستي وقال : ارجع إلى رسول الله ، فخرج رسول الله فإذا عمر فقال : «ما حملك يا عمر على ما فعلت؟» فقال عمر : أنت بعثت
__________________
(١) صحيح البخاري في باب كم التعزير والأدب في الجزء الأخير [٦ / ٢٥١٢ ح ٦٤٥٧]. (المؤلف)