وهكذا يجب أن تسير الأُمّة إلى الله بين خطّتي الخوف والرجاء ، فلا التهديد يدعها تتوانى عن العمل ، ولا الوعد يأمنها من العقوبة إن تركته ، وهذه هي الطريقة المثلى في إصلاح المجتمع ، والسير بهم في السنن اللاحب ، (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (١) ، غير أنّ الخليفة قد يحسب أنّ خطّته أمثل من هذه ، فانتهر أبا هريرة حتى خرّ لاسته ، ونهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الدأب على ما قال وأمر به وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى.
وليس من المستطاع أن يُخبت إلى اعتناء النبيّ بهاتيك الهلجة بعد أن صدع بما صدع عن الوحي الإلهي ، لكن الدوسي يقول : قال : فخلّهم. وأنا لا أدري هل كذب الدوسيّ ، أو أنّ هذا مبلغ علم الخليفة وأُنموذج عمله؟
ـ ٦٠ ـ
اجتهاد الخليفة في حُلي الكعبة (٢)
١ ـ ذكر عند عمر بن الخطّاب في أيّامه حلي الكعبة وكثرته ، فقال قوم : لو أخذته فجهّزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر ، وما تصنع الكعبة بالحليّ؟ فهمّ عمر بذلك وسأل عنه أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : «إنّ هذا القرآن أُنزل على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم والأموال أربعة : أموال المسلمين فقسّمها بين الورثة في الفرائض ، والفيء فقسّمه على
__________________
(١) الأحزاب : ٦٢.
(٢) صحيح البخاري : ٣ / ٨١ [٢ / ٥٧٨ ح ١٥١٧] في كتاب الحجّ ، باب كسوة الكعبة ، وفي الاعتصام أيضاً [٦ / ٢٦٥٥ ح ٦٨٤٧] ، أخبار مكة للأزرقي [١ / ٢٤٦] ، سنن أبي داود : ١ / ٣١٧ [٢ / ٢١٥ ح ٢٠٣١] ، سنن ابن ماجة : ٢ / ٢٦٩ [٢ / ١٠٤٠ ح ٣١١٦] ، سنن البيهقي : ٥ / ١٥٩ ، فتوح البلدان للبلاذري : ص ٥٥ ، نهج البلاغة : ٢ / ٢٠١ [ص ٥٢٣ رقم ٢٧٠] ، الرياض النضرة : ٢ / ٢٠ [٢ / ٢٨٨] ، ربيع الأبرار للزمخشري في الباب الخامس والسبعين [٤ / ٢٦] ، تيسير الوصول : [٣ / ٣٦٧ ح ٧] ، فتح الباري : ٣ / ٣٥٨ [٣ / ٤٥٦] ، كنز العمّال : ٧ / ١٤٥ [١٤ / ١٠٠ ح ٣٨٠٥٢]. (المؤلف)