لاها الله لا ذلك ولا هذا ، لكن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علم ذلك كلّه ولم يرَ بأساً بما خافه عمر.
وبما ذا استحقّ أُولئك الأخيار من الصحابة الضرب بالدرّة والفضيحة بملإ من الأشهاد نصب عيني النبيّ الأقدس قرب مشهده الطاهر؟ والذين يأتون بما كرهه أقوام من رجال المستقبل لم يرتكبوه بعد ، أو أنّه لم تنعقد نطفهم حتى تلك الساعة وهو يعترف بأنّهم ليسوا من أُولئك ، ولعلّ الخليفة كان يرى جواز القصاص قبل جناية غير المقتصّ منه. هلمَّ وأعجب!
وكأنّ الخليفة في آرائه هذه الخاصّة به كان ذاهلاً عن قوله هو : احذروا هذا الرأي على الدين فإنّما كان الرأي من رسول الله مصيباً لأنّ الله كان يريه ، وإنّما هو هنا تكلّف وظنّ ، وإنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً (١).
ـ ٦٣ ـ
رأي الخليفة في العجم
روى مالك ـ إمام المالكيّة ـ عن الثقة عنده أنّه سمع سعيد بن المسيّب يقول : أبى عمر بن الخطّاب أن يورّث أحداً من الأعاجم إلاّ أحداً ولد في العرب.
قال مالك : وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدوّ فوضعته في أرض العرب فهو ولدها يرثها إن ماتت ، وترثه إن مات ، ميراثها في كتاب الله. الموطّأ (٢) (٢ / ١٢).
قال الأميني : هذا حكم حدت إليه العصبيّة المحضة ، وإنّ التوارث بين المسلمين عامّة عرباً كانوا أو أعاجم أينما ولدوا وحيثما قطنوا من ضروريات دين الإسلام ،
__________________
(١) أخرجه أبو عمر في العلم : ٢ / ١٣٤ [ص ٣٦٣ ح ١٧٥٩] ، وابن أبي حاتم كما في الدرّ المنثور : ٦ / ١٢٧ [٧ / ٦٥٤]. (المؤلف)
(٢) موطّأ مالك : ٢ / ٥٢٠ ح ١٤ كتاب الفرائض.