قال الأميني : أترى الخليفة كيف رتّب الأثر على التهمة من غير بيّنة؟ من دون أن ينهى المخبر المتّهم عمّا ارتكبه من الوقيعة في أخيه المسلم بالبهت وإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا أو اغتياب الرجل ، فوقع من جرّاء ذلك كلّه في محظور آخر من التجسّس المنهيّ عنه بنصّ الذكر الحكيم ، لكنّه سرعان ما ارتدع بلفت الرجل نظره إلى الحكم الشرعي.
ـ ٦٥ ـ
[استئذان الخليفة من عائشة]
عن عمرو بن ميمون قال : قال عمر بن الخطّاب لابنه عبد الله : انطلق إلى عائشة أُمّ المؤمنين فقل : يقرأ عليك عمر السلام ، ولا تقل : أمير المؤمنين ، فإنّي لست اليوم للمؤمنين أميراً وقل : يستأذن عمر بن الخطّاب أن يدفن مع صاحبيه. فمضى فسلّم واستأذن ثمّ دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي ، فقال : يقرأ عليك عمر السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه. قالت : كنت أُريده لنفسي ولأوثرنَّ به اليوم على نفسي. فلمّا أقبل قيل : هذا عبد الله بن عمر قد جاء ، فقال : ارفعوني. فأسنده رجل إليه فقال : ما لديك؟ قال : الذي يحبّ أمير المؤمنين أذنت ، قال : الحمد لله ما كان شيء أهمّ إليّ من ذلك المضجع ، فإذا أنا قضيت فاحملوني وإن ردّتني فردّوني إلى مقابر المسلمين (١).
قال الأميني : ليت الخليفة عرّفنا ما وجه الاستئذان من عائشة؟ فهل ملكت هي حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالإرث؟ فأين قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم المزعوم : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة؟ وبذلك زحزحوا عن الصديقة الطاهرة فدكاً ، وبذلك منع
__________________
(١) صحيح البخاري : ٢ / ٢٦٣ و ٥ / ٢٦٦ [١ / ٤٦٩ ح ١٣٢٨ ، و ٣ / ١٣٥٥ ح ٣٤٩٧] ، وأخرجه جمع كثير من الحفّاظ وأئمّة الحديث لا نطيل بذكرهم المقام. (المؤلف)