ثمّ ما ذا على الرجل إن عمل بما أدّى إليه اجتهاده وهو يروي في ذلك ثمانية عشر حديثاً؟ وأمّا حديث عدوله عن رأيه فإن صدق نقل الرجل عن أبي عوانة وصدق إسناد أبي عوانة ، ولو كان لبان وظهر وتناقلته الفقهاء ، ولم ينحصر نقله بواحد عن واحد ، ولا سيّما وابن جريج هو ذلك المصرّ على رأيه عمليّا وعلميّا ، وإنّي أحسب أنّ عزو العدول إلى هذا الرجل لِدة عزوه إلى حبر الأُمّة عبد الله بن العبّاس الذي كذّبه من كذّبه كما عرفت.
وأمّا ما عزاه موسى إلى الحكومة الإيرانيّة في إدخال المنع عن المتعة في جملة إصلاحاتها ونسخها نسخاً قطعيّا بتاتاً ، ومنعها منعاً بتّا فكبقيّة مفتعلاته ، فما أعوزته الحجّة ، وضاقت عليه المحجّة ، وغدا محجوجاً أعيت عليه البراهين ، إلى أن محج (١) وأفك ، واحتجّ بما لم تسمعه أُذن الدنيا ، وقابل الكتاب والسنّة بتاريخ مفتعل على حكومة إسلامية لم تأتِ بشيء جديد قطّ في المتعة ، وعلى تقدير تحقّق فريته فأيّ قيمة لذلك تجاه ما هتف به النبيّ الأعظم وكتابه المقدّس؟
إقرأ واضحك أو ابك :
ذكر القوشجي المتوفّى (٨٧٩) في شرح التجريد (٢) في مبحث الإمامة أنّ عمر قال وهو على المنبر : أيّها الناس ثلاث كنّ على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا أنهى عنهنّ وأُحرِّمهنّ وأُعاقب عليهنّ : متعة النساء ، ومتعة الحجّ ، وحيّ على خير العمل. ثمّ اعتذر عنه بقوله : إنّ ذلك ليس ممّا يوجب قدحاً فيه ؛ فإنّ مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهاديّة ليس ببدع. انتهى.
ما كنّا نقدّر أنّ ضليعاً في العلم يقابل النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم بواحد من أُمّته ويجعل
__________________
(١) المحج : الكذب.
(٢) شرح التجريد : ص ٤٨٤.