ـ ٧٠ ـ
رأي الخليفة فيمن قال : إنّي مؤمن
عن مسند عمر رضى الله عنه ، عن سعيد بن يسار ، قال : بلغ عمر بن الخطّاب أنّ رجلاً بالشام يزعم أنّه مؤمن ، فكتب إلى أميره : أن ابعثه إليّ. فلمّا قدم قال : أنت الذي تزعم أنّك مؤمن؟ قال : نعم ، يا أمير المؤمنين. قال : ويحك وممّ ذاك؟ قال : أوَلم تكونوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أصنافاً : مشرك ، ومنافق ، ومؤمن؟ فمن أيّهم كنت؟ فمدّ عمر يده إليه معرفة لما قال حتى أخذ بيده (١).
وعن قتادة ؛ قال : قال عمر بن الخطّاب : من قال إنّي عالم ، فهو جاهل ، ومن قال إنّي مؤمن ، فهو كافر. كنز العمّال (٢) (١ / ١٠٣).
قال الأميني : أنا لا أدري ما هذه المشكلة التي من جرّائها جلب الرجل من الشام وحوله آلاف من المؤمنين يقولون بمقالته ، وهو يحسب أنّه أميرهم ولم يسألهم عمّا سأل الشامي عنه؟ ثمّ كيف انحلّت تلك المشكلة بأبسط جواب؟ أوَلم يكن الخليفة يعلم ذلك من أنّ الإنسان إذا لم يكن مشركاً أو منافقاً فهو مؤمن لا محالة؟ أم أنّه حسب أنّ المؤمن الواثق بإيمانه لا يجوز له أن يقول : أنا مؤمن ؛ لأنّ ذلك القول كفر كما في حديث قتادة؟ وذلك تعبّداً بقول عمر. لكنّ الله سبحانه مدح أقواماً في الذكر بأن قالوا آمنّا مثل قوله تعالى : (قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ) (٣) ، وقوله : (رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ) (٤) ، وقوله : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي
__________________
(١) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان [١ / ٨٤ ح ٧٤] ، وابن أبي شيبة في الإيمان [المصنّف : ١١ / ٣٩ ح ١٠٤٦٢] كما في كنز العمّال : ١ / ١٠٣ [١ / ٤٠٤ ح ١٧٢٨]. (المؤلف)
(٢) كنز العمّال : ١ / ٤٠٥ ح ١٧٣٠.
(٣) آل عمران : ٥٢.
(٤) آل عمران : ٥٣.