ما يتبع الشعر
في هذه القصيدة إشارة إلى لمّة من فضائل مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وقد بسطنا القول في جملة مهمة منها في الأجزاء السابقة ، ونذكر هنا ما أشار إليه شاعرنا بقوله
من كان في حرمِ الرحمنِ مولدُهُ |
|
وحاطه اللهُ من باسٍ وعدوانِ |
يريد به قصّة ولادته صلوات الله عليه في الكعبة المعظّمة ، وقد انشقّ جدار البيت لأُمِّه فاطمة بنت أسد فدخلته ثمّ التأمت الفتحة ، فلم تزل في البيت العتيق حتى ولدت مشرِّف البيت بذلك الهبوط الميمون ، وأكلت من ثمار الجنّة ، ولم ينفلق صدف الكعبة عن درِّه الدريّ إلاّ وأضاء الكون بنور محيّاه الأبلج ، وفاح في الأجواء شذى عنصره الأقدس ، وهذه حقيقة ناصعة أصفق على إثباتها الفريقان ، وتضافرت بها الأحاديث ، وطفحت بها الكتب ، فلا نعبأ بجلبة رماة القول على عواهنه بعد نصِّ جمع من أعلام الفريقين على تواتر حديث هذه الأثارة.
قال الحاكم في المستدرك (١) (٣ / ٤٨٣) : وقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة.
وحكى الحافظ الكنجي الشافعي في الكفاية (٢) من طريق ابن النجّار عن الحاكم النيسابوري أنّه قال : وُلد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمكّة في بيت الله الحرام ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ، ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه إكراماً له بذلك ، وإجلالاً لمحلّه في التعظيم.
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٥٥٠ ح ٦٠٤٤.
(٢) كفاية الطالب : ص ٤٠٧.