وأبو جعفر الطحاوي في معاني الآثار ، وحكاه عن الأخيرين العيني في عمدة القاري (٢ / ٧٢) ، وذكره القاضي أبو المجالس في المعتصر من المختصر من مشكل الآثار (١ / ٥١) ، وأخرجه الهيثمي من طريق أحمد والطبراني في الكبير وقال : رجال أحمد كلّهم ثقات. راجع مجمع الزوائد (١ / ٢٦٦) ، والإجابة للزركشي (ص ٨٤).
هذه الرواية تنمّ عن عدم معرفة أُولئك الصحابة الذين شاورهم الخليفة بالحكم ـ وفي مقدّمهم هو نفسه ـ ما خلا أمير المؤمنين ومعاذ وعائشة ، وشتّان بين عدم معرفة الخليفة بمثل هذا الحكم الذي يلزم المكلّف عرفانه قبل كثير من الواجبات ، وبين عدم معرفة غيره لأنّ به القدوة والأُسوة في الأحكام دون غيره.
ـ ٨٠ ـ
الخليفة وتوسيعه المسجدين
أخرج عبد الرزّاق ، عن زيد بن أسلم ، قال : كان للعبّاس بن عبد المطلب دار إلى جنب مسجد المدينة فقال عمر : بعنيها ، وأراد أن يدخلها في المسجد ، فأبى العبّاس أن يبيعها إيّاه. فقال عمر : فهبها لي. فأبى. فقال عمر : فوسّعها أنت في المسجد. [فأبى] (١) فقال عمر : لا بدّ لك من إحداهنّ. فأبى ، قال : فخذ بيني وبينك رجلاً ، فأخذ أُبيّ بن كعب فاختصما إليه. فقال أُبيّ لعمر : ما أرى أن تخرجه من داره حتى ترضيه. فقال له : أرأيت قضاءك هذا في كتاب الله وحديثه ، أم سنّة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قال أُبيّ : بل سنّة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال عمر : وما ذاك؟ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «إنّ سليمان بن داود لمّا بنى بيت المقدس جعل كلّما بنى حائطاً أصبح منهدماً فأوصى ابنه إليه أن لا تبني في حقّ رجل حتى ترضيه». فتركه عمر رضى الله عنه ، فوسّعها العبّاس بعد ذلك في المسجد.
__________________
(١) من الدرّ المنثور : ٥ / ٢٣٠.