اعتذر به هو في غير هذا المورد ، وقد تقدّم في (ص ١٥٨) ويأتي بُعيد هذا ووصفه به غير واحد ، ويبعِّد النسيان أنّ حكماً مطّرداً كهذا يكرّر في كلِّ عام مرّتين على رءوس الأشهاد ومزدحم الجماهير لا يُنسى عادةً.
وأمّا احتمال السيوطي الآخر من أنّه أراد إعلام الناس بذلك ، فكان من الممكن إعلامهم بهتاف نفسه هتافاً مسمعاً وعمله المستمر المتّبع فيه سنّة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فالحاجة غير ماسّة إلى الإرسال والسؤال.
ـ ٩٩ ـ
الخليفة ومعاني الألفاظ
١ ـ عن عمر رضى الله عنه أنّه قال على المنبر : ما تقولون في قوله تعالى : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) (١)؟ فسكتوا ، فقام شيخ من هذيل فقال : هذه لغتنا ، التخوّف : التنقّص.
قال : فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟ قال : نعم. قال شاعرنا ـ زهير ـ أبو كبير الهذلي يصف ناقةً تنقّص السير سنامها بعد تمكه واكتنازه :
تخوّفَ الرحل منها تامكاً قرداً |
|
كما تخوّف عود النبعة السفن (٢) |
فقال عمر : أيّها الناس عليكم بديوانكم لا يضلّ. قالوا : وما ديواننا؟ قال : شعر الجاهليّة فإنّ فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم.
راجع (٣) تفسير الكشّاف (٢ / ١٦٥) ، تفسير القرطبي (١٠ / ١١٠) ، تفسير البيضاوي (١ / ٦٦٧).
__________________
(١) النحل : ٤٧.
(٢) تمك السنام : طال وارتفع. القرد : المتراكم بعض لحمه فوق بعض. النبعة : شجرة من أشجار الجبال يتّخذ منها القسي. السفن : القشر. (المؤلف)
(٣) الكشّاف : ٢ / ٦٠٨ ـ ٦٠٩ ، الجامع لأحكام القرآن : ١٠ / ٧٣ ، تفسير البيضاوي : ١ / ٥٤٥.