وأمثال هذه من الأكاذيب ، فإنّ من يكون بتلك المثابة حتى يكاد أن يبعث نبيّا لا يفقد علم واضحات المسائل عند ابتلائه أو ابتلاء من يرجع أمره إليه من أُمّته بها ، ولا يتعلّم مثله سورة من القرآن في اثنتي عشرة سنة (١). وأين كان الحقّ والملك والسكينة يوم كان لا يهتدي إلى أُمّهات المسائل سبيلاً فلا تسدّده ولا تفرغ الجواب على لسانه ، ولا تضع الحقّ في قلبه؟
وكيف يسع المسدّد بذلك كلّه أن يحسب كلّ الناس أفقه منه حتى ربّات الحجال؟ وكيف كان يأخذ علم الكتاب والسنّة من نساء الأُمّة وغوغاء الناس فضلاً عن رجالها وأعلامها؟
وكيف كان يرى عرفان لفظة مفسّرة بالقرآن تكلّفاً ويقول : هذا لعمر الله هو التكلّف ، ما عليك يا ابن أُمّ عمر أن لا تدري ما الأبّ (٢)؟
وكيف كان يأخذ عن أُولئك الجمّ الغفير من الصحابة ويستفتيهم في الأحكام؟
وكيف كان يعتذر عن جهله أوضح ما يكون من السنّة بقوله : ألهاني عنه الصفق بالأسواق (٣)؟
وكيف كان لم يسعه أن يعلم الكلالة ويقيمها ولم يتمكّن من تعلّم صور ميراث الجدّ
وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «ما أراه يعلمها. وما أراه يقيمها».
ويقول : «إنّي أظنّك تموت قبل أن تعلم ذلك» (٤)؟
وكيف كان مثل أُبيّ بن كعب يغلظ له في القول ويراه ملهىً عن علم الكتاب
__________________
(١) راجع صحيفة : ١٩٦ من هذا الجزء. (المؤلف)
(٢) راجع : ص ٩٩. (المؤلف)
(٣) راجع : ص ١٥٨. (المؤلف)
(٤) راجع : ص ١١٦ ، ١٢٨. (المؤلف)