المتخلّص من سرد هذه الأحاديث هو تواتر معنوي أو إجمالي لوقوع أصل القصّة من استرداد الآي من أبي بكر وتشريف أمير المؤمنين عليهالسلام بتبليغها ونزول الوحي المبين بأنّه لا يبلّغ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ هو أو رجل منه ، ولا يجب علينا البخوع لبعض الخصوصيات التي تفرّد بها بعض الطرق والمتون فإنّها لا تعدو أن تكون آحاداً ، وفي القصّة إيعاز إلى أنّ من لا يستصلحه الوحي المبين لتبليغ عدّة آيات من الكتاب كيف يأتمنه على التعليم بالدين كلّه ، وتبليغ الأحكام والمصالح كلّها؟
الشاعر
أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن عليّ الهواري المالكي الأندلسي النحوي المعروف بابن جابر الأعمى ، من أهل المريّة (١). أحد رجالات الشعر والأدب ، متضلّع في النحو والتاريخ والسير والحديث ، ولد سنة (٦٩٨) وقرأ القرآن والنحو على محمد بن يعيش ، والفقه على محمد بن سعيد الرندي ، والحديث على أبي عبد الله الزواوي ، ثمّ رحل إلى الشرق وصحب أبا جعفر أحمد بن يوسف الألبيري (٢) الطليطلي (٣) الشهير بالبصير المتوفّى سنة (٧٧٩) ، وشمّرا لطلب العلم والأدب ذراعاً ، ومدّا إلى التاريخ باعاً ، فكان المترجم يؤلّف وينظم ويملي ، وصاحبه يقرأ عليه ويكتب ، حتى نبغا في الأدب ، غير أنّ المترجم أكثر نظماً ، ولم يزالا على ذلك طيلة عمرهما ، وسمعا بمصر من أبي حيّان ، ثمّ حجّا ورجعا إلى الشام وسمعا الحديث من المزّي أبي الحجّاج الدمشقي المتوفّى (٧٤٢) والجزري وابن كاميار ، ثمّ قطنا حلب وحدّثا بها ،
__________________
(١) المريّة ـ بالفتح ثمّ الكسر وتشديد الياء ـ : مدينة كبيرة من كورة البيرة من أعمال الأندلس [معجم البلدان : ٥ / ١١٩]. (المؤلف)
(٢) ألبيرة ـ بألف قطع ـ : كورة كبيرة من الأندلس [معجم البلدان : ١ / ٢٤٤]. (المؤلف)
(٣) طليطلة ـ بضمّ الطائين وفتح اللام أو ضمّ الأُولى وفتح الثانية ـ : مدينة كبيرة بالأندلس [معجم البلدان : ٤ / ٣٩]. (المؤلف)