ونحر سبعين بدنة كان ساقها معه هديا ، ورجع إلى المدينة ، ثم توجه فى السنة القابلة إلى مكة معتمرا ، وأخلت له المشركون مكة حين وصل ثلاثة أيام ولياليها كما التزموه ، ثم خرج وذهب إلى المدينة ، ثم عاد إلى مكة زمن الفتح وأحرم بعمرة من الجعرانة (١) حين قسم غنيمة حنين فى ذى القعدة ، وعمرته مع حجته. متفق عليه.
هذا بعد قدومه المدينة.
وحج باتفاق بين الأئمة حجة الوداع من المدينة سنة عشر من الهجرة (٢) ، وسميت حجة الوداع ؛ لأنه ودع الناس فيها ، وقال : «لعلى لا أحج بعد عامى هذا» (٣).
قال جابر : نظرت فيها إلى مدّ بصرى بين يديه من راكب وماش ، وعن يمينه مثل ذلك ، وعن يساره مثل ذلك ، ومن خلفه مثل ذلك.
ووافقت وقفته تلك يوم تاسع ذى الحجة ، يوم الجمعة ، فاستقر الحج عليه ، وكان قبل ذلك ينتقل فى أشهر السنة (٤).
وعن أبى زرعة أنه قال : شهد مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى حجة الوداع أربعون ألفا.
واختلفوا فى أنه هل فرض الحج سنة ست أو خمس أو تسع. وقال الشيخ أبو بكر الرازى فى أصول فقهه : إنه قد قيل : إن فرض الحج نزل فى سنة عشر وهى السنة التى حج رسول الله صلىاللهعليهوسلم حجة الوداع فيها (٥).
وحج أبو بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ وعلىّ بن أبى طالب رضى الله عنه قبل حجة الوداع ، وحجا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيها.
__________________
(١) كان ذلك سنة ٨ ه ، انظر : تاريخ الطبرى ٣ / ٩٤ ، السيرة لابن هشام ٢ / ٣١٠ ، ٣١١.
(٢) تاريخ الطبرى ٣ / ١٤٨ ، السيرة لابن هشام ٢ / ٣٥٠.
(٣) هناك أقوال أخرى فى تلك التسمية ، وأفرد حجة الوداع بالتصنيف : ابن المنذر ، والمحب الطبرى ، الإمام البقاعى ، وابن حزم الظاهرى ، ويراجع ذلك فى : زاد المعاد ١ / ١٧٣ ، السيرة الشامية ٧ / ٦١٤ ، وغيرها.
(٤) أخرجه : مسلم (١٢١٨) ، ابن حبان (٣٩٤٤) ، ابن الجوزى فى مثير الغرام (ص : ٣٧٩).
(٥) القرى (ص : ٦٣).