وقال المؤرخون : إن قبر النبى صلىاللهعليهوسلم وقبر صاحبيه فى ضفّة بيت عائشة ـ رضى الله عنها ـ وقالوا : إن فى البيت موضع قبر فى السهوة الشريفة ، وأن سعيد بن المسيب قال : يدفن فيه عيسى ابن مريم مع سيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام ، وأبى بكر وعمر رضى الله عنهما.
وروى أبو هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال : إذ أهبط الله تعالى عيسى ـ عليهالسلام ـ من السماء فإنه يعيش فى هذه الأمة ما شاء الله تعالى ، ثم يموت بمدينتى هذه ويدفن إلى جانب قبر عمر رضى الله عنه. فطوبى لأبى بكر وعمر ؛ فإنهما يحشران بين النبيين (١). وقد قيل : إن ذلك يكون عقيب حجه وزيارته لسيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم.
السّهوة قيل : إنها كالصّفة بين البيت.
ثم لما حج السلطان الملك الظاهر فى سنة سبع وستين وستمائة أراد أن يدير على الحجرة المقدسة داربزينا من خشب فقاس ما حولها بيده ، وقدر بالحبال ، وأرسل الداربزين فى سنة ثمان وستين وستمائة ، وأداره عليها ، وعمل له ثلاثة أبواب : قبليا وشرقيا وغربيا ، ونصبها بين الأساطين التى تلى الحجرة الشريفة إلا من ناحية الشام ، فإنه زاد فيه إلى متهجد النبى صلىاللهعليهوسلم.
ثم أحدثوا بابا رابعا من جهة الشمال فى رحبة المسجد وغربى متهجد النبى صلىاللهعليهوسلم يفتح كل يوم ويدخل الناس والزوار منه.
وإنما صنع الملك الظاهر ذلك الداربزين ظنا حسنا منه أن ذلك زيادة تعظيم ، وحرمة للحجرة الشريفة ؛ لكنه حجز طائفة من الروضة الشريفة مما يلى بيت النبى صلىاللهعليهوسلم ، وتعذرت الصلاة فيها ـ مع فضل الصلاة فيها ـ وصار ما بين الحجرة والداربزين مأوى النساء بأولادهن الصغار فى أيام الموسم (٢).
قال الشيخ عز الدين بن جماعة : وذكر ذلك للملك الظاهر فسكت وما أجاب ، وهذا من أهم ما ينظر فيه.
__________________
(١) الحديث أخرجه : مسلم ٤ / ٦٠ (الحج : إهلال النبى صلىاللهعليهوسلم وهديه).
(٢) هداية السالك ٣ / ١٤١٨ ، ١٤١٩.