ـ ٢ ـ
ملكاته ونفسيّاته
يهمّنا النظر إلى ملكات الخليفة وما انحنت عليه أضالعه من علوم أو نفسيّات حتى نعلم أنَّها هل تجعل له صلة بفضيلة؟ أو تقرّب مبوّأه من التأهّل لهاتيك المرويّات؟ أو تعيِّن له حدّا يكون التفريط به إجحافاً به ، وبخساً بحقِّه ، وتحطيماً لمقامه؟ أو يعرف الغلوُّ بالإفراط فيه؟
أمّا هو قبل الإسلام فلا نفيض عنه قولاً لأنَّ الإسلام يجبُّ ما قبله ، فلا التفات إذن إلى ما جاء به عكرمة من قوله : كان أبو بكر رضى الله عنه يقامر أُبيّ بن خلف وغيره من المشركين وذلك قبل أن يحرّم القمار. ذكره الإمام الشعراني في كتابه كشف الغمّة (٢ / ١٥٤).
وقال الإمام أبو بكر الجصّاص الرازي الحنفي المتوفّى (٣٧٠) في أحكام القرآن (١) (١ / ٣٨٨) : لا خلاف بين أهل العلم في تحريم القمار وأنَّ المخاطرة من القمار ، قال ابن عبّاس : إنَّ المخاطرة قمار ، وإنَّ أهل الجاهليّة كانوا يخاطرون على المال والزوجة وقد كان ذلك مباحاً إلى أن ورد تحريمه ، وقد خاطر أبو بكر الصدّيق المشركين حين نزلت : الم غلبت الروم.
كما لا يلتفت إلى ما ذكره أبو بكر الإسكافي في الردّ على الرسالة العثمانيّة للجاحظ (٢) من أنَّ أبا بكر كان قبل إسلامه مذكوراً ورئيساً معروفاً ، يجتمع إليه كثير من أهل مكة فينشدون الأشعار ، ويتذاكرون الأخبار ، ويشربون الخمر ، وقد سمع
__________________
(١) أحكام القرآن : ١ / ٣٢٩.
(٢) رسائل الجاحظ : ص ٣٤ [ ص ١٤٣ ـ الرسائل السياسية ] ، شرح ابن أبي الحديد : ٣ / ٢٦٤ [ ١٣ / ٢٤٩ خطبة ٢٣٨ ]. (المؤلف)