والكلالة وترك سؤال الصحابة واستشارتهم فأفتى برأيه ما أفتى ، وقال بحريّته ما قال.
وفيما اتّفق لأبي بكر من القضايا غير ما مرّ مع قلّته غنية وكفاية في عرفان مبلغ علمه ، وإليك منها :
ـ ١ ـ
رأي الخليفة في الجدّة
عن قبيصة بن ذؤيب قال : جاءت الجدّة إلى أبي بكر الصدّيق رضى الله عنه تسأله عن ميراثها ، فقال لها أبو بكر : مالك في كتاب الله شيء ، وما علمت لك في سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئاً فارجعي حتى أسأل الناس. فقال المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعطاها السدس. فقال أبو بكر : هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة. فأنفذه لها أبو بكر رضى الله عنه. الحديث (١).
فانظر إلى ما عزب عنه علم الخليفة في مسألة تكثر بها البلوى ويطّرد الحكم فيها ، حتى اضطرّته الحاجة إلى الركون إلى رواية مثل المغيرة أزنى ثقيف وأكذب الأمّة (٢) ، وكان من تغييره للسنّة ولعبه بها أنّه صلّى صلاة العيد يوم عرفة مخافة أن يعزل سنة أربعين (٣) ، وكان ينال من أمير المؤمنين عليهالسلام كلّما رقى صهوة المنبر (٤).
__________________
(١) موطّأ مالك : ١ / ٣٣٥ [ ٢ / ٥١٣ ح ٤ ] ، سنن الدارمي : ٢ / ٣٥٩ ، سنن أبي داود : ٢ / ١٧ [ ٣ / ١٢١ ح ٢٨٩٤ ] ، سنن ابن ماجة : ٣ / ١٦٣ [ ٢ / ٩٠٩ ح ٢٧٢٤ ] ، مسند أحمد : ٤ / ٢٢٤ [ ٥ / ٢٦٥ ح ١٧٥١٩ ] ، سنن البيهقي : ٦ / ٢٣٤ ، بداية المجتهد : ٢ / ٣٤٧ ، مصابيح السنّة : ٢ / ٢٢ [ ٢ / ٣٩١ ح ٢٢٧٣ ]. (المؤلف)
(٢) راجع الجزء السادس من كتابنا هذا : ص ١٤١. (المؤلف)
(٣) الأغاني : ١٤ / ١٤٢ [ ١٦ / ٩٦ ]. (المؤلف)
(٤) مرّ في الجزء السادس : ص ١٤٣ ، ١٤٤. (المؤلف)