وذلك ليمكنه إقامة الحدود الإلهيّة ، ودحض الأباطيل ، وربما تسرّبت الشبهة عن جهله إلى نفس الدعوة وحقيقة الدين إن كان عميده الداعي إليه يقصر عن الدفاع عنه وإزاحة الشكوك المتوجّهة إليه.
فكلّ هذا يستدعي كماله في الصفات الكماليّة كلّها فيفضل على الأمّة جمعاء ، (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (١) (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) (٢) (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣).
الخلافة عند القوم :
نعم ؛ الخلافة التي تقول بها الجماعة لا تستدعي كلّ ما ذكرنا ، فإنَّهم يحسبون الخليفة أيّ مستحوذٍ على الأمّة يقطع السارق ، ويقتصّ القاتل ، ويكلأ الثغور ، ويحفظ الأمن العام إلى ما يشبه هذه ، ولا يخلع بفسق ، ولا ينتقد بفاحشة مبيّنة ، ولا يعاب بجهل ، ولا يُؤاخذ بعثرة ، ولا يُشترط فيه أيّ من الملكات الكريمة ، وله العتبى في كلّ ذلك ، وليس عليه من عتب.
كلمة الباقلانيّ :
قال الباقلانيّ في التمهيد (ص ١٨١) باب الكلام في صفة الإمام الذي يلزم العقد له : فإن قال قائل : فخبِّرونا ما صفة الإمام المعقود له عندكم؟ قيل لهم : يجب أن يكون على أوصاف : منها أن يكون قرشيّا من الصميم ، ومنها : أن يكون من العلم بمنزلة من يصلح أن يكون قاضياً من قضاة المسلمين ، ومنها : أن يكون ذا بصيرة بأمر
__________________
(١) الزمر : ٩.
(٢) الرعد : ١٦.
(٣) يونس : ٣٥.