وأخذاً بهذه الأحاديث قال الجمهور بعدم عزل الإمام بالفسق ، قال النووي في شرح مسلم (١) هامش إرشاد الساري (٨ / ٣٦) في ذيل هذه الأحاديث المذكورة عن صحيح مسلم : ومعنى الحديث : لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ، ولا تعترضوا عليهم إلاّ أن تروا منهم منكراً محقّقاً تعلمونه من قواعد الإسلام ، فإذا رأيتم ذلك فأنكروه عليهم ، وقولوا بالحقّ حيث ما كنتم ، وأمّا الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقةً ظالمين ، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته ، وأجمع أهل السنّة أنّه لا ينعزل السلطان بالفسق ـ إلى أن قال ـ : فلو طرأ على الخليفة فسق قال بعضهم : يجب خلعه إلاّ أن تترتّب عليه فتنة وحرب ، وقال جماهير أهل السنّة من الفقهاء والمحدّثين والمتكلّمين : لا ينعزل بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق ، ولا يخلع ، ولا يجوز الخروج عليه بذلك ، بل يجب وعظه وتخويفه.
قال الأميني : فما عذر عائشة وطلحة والزبير ومن تبعهم من الناكثين والمارقين في الخروج على مولانا أمير المؤمنين؟ هبه صلوات الله عليه آوى قتلة عثمان ، وعطّل الحدود معاذ الله فأين العمل بهذه الأحاديث التي أخذتها الأمّة المسكينة سنّة ثابتة مشروعة؟ أنا لا أدري.
كلمة التفتازاني :
وقال التفتازاني في شرح المقاصد (٢) (٢ / ٢٧١) : ولا يشترط أن يكون الإمام هاشميّا ولا معصوماً ولا أفضل من يولّى عليهم.
وقال في (ص ٢٧٢) : إذا مات الإمام وتصدّى للإمامة من يستجمع شرائطها من غير بيعة واستخلاف وقهر الناس بشوكته انعقدت الخلافة له ، وكذا إذا كان فاسقاً أو جاهلاً على الأظهر إلاّ أنّه يُعصى فيما فعل ، ويجب طاعة الإمام ما لم يخالف حكم
__________________
(١) شرح صحيح مسلم : ١٢ / ٢٢٩.
(٢) شرح المقاصد : ٥ / ٢٣٣.