وعن جابر بن عبد الله قال : دخلنا مع النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مكّة وفي البيت وحوله ثلاثمائة وستّون صنماً ، فأمر بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأُلقيت كلّها لوجوهها ، وكان على البيت صنم طويل يقال له : هبل. فنظر النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى عليّ وقال له : «يا عليُّ تركب عليَّ أو أركب عليك لأُلقي هبل عن ظهر الكعبة؟ قلت : يا رسول الله بل تركبني ، فلمّا جلس على ظهري لم استطع حمله لثقل الرسالة قلت : يا رسول الله بل أركبك. فضحك ونزل وطأطأ لي ظهره واستويت عليه فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو أردت أن أمسك السماء لأمسكتها بيدي ، فألقيت هبل عن ظهر الكعبة فأنزل الله تعالى : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) (١).
وعن ابن عبّاس قال : قال النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ : «قم بنا إلى الصنم في أعلى الكعبة لنكسره» فقاما جميعاً ، فلمّا أتياه قال له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «قم على عاتقي حتى أرفعك عليه» فأعطاه عليٌّ ثوبه فوضعه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على عاتقه ثمّ رفعه حتى وضعه على البيت فأخذ عليٌّ الصنم وهو من نحاس ، فرمى به من فوق الكعبة فنادى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «انزل» فوثب من أعلى الكعبة كأنّما كان له جناحان.
هذه الأثارة أخرجتها أُمّة من الحفّاظ وأئمّة الحديث والتاريخ ، وأخذها منهم رجال التأليف في القرون المتأخّرة وذكروها في كتبهم مرسلين إيّاها إرسال المسلّم من دون أيّ غمز في سندها.
وإليك جملة منهم :
١ ـ أسباط بن محمد القرشي : المتوفّى (٢٠٠) روى عنه أحمد في المسند (٢).
٢ ـ الحافظ أبو بكر الصنعاني : المتوفّى (٢١١) حكاه عنه السيوطي (٣).
__________________
(١) الإسراء : ٨١.
(٢) مسند أحمد : ١ / ١٣٦ ح ٦٤٥.
(٣) جامع الأحاديث : ١٦ / ٢٧٢ ح ٧٩٢٧.