كلمة الماوردي :
وقال الماوردي في الأحكام السلطانيّة (١) (ص ٤) : اختلفت العلماء في عدد من تنعقد به الإمامة منهم على مذاهب شتّى ، فقالت طائفة : لا تنعقد إلاّ بجمهور أهل العقد والحلّ من كلّ بلد ليكون الرضاء به عامّا ، والتسليم لإمامته إجماعاً ، وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر رضى الله عنه على الخلافة باختيار من حضرها ولم ينتظر ببيعته قدوم غائب عنها.
وقالت طائفة أخرى : أقلّ من تنعقد به منهم الإمامة خمسة يجتمعون على عقدها أو يعقدها أحدهم برضى الأربعة استدلالاً بأمرين :
أحدهما : أنّ بيعة أبي بكر رضى الله عنه انعقدت بخمسة اجتمعوا عليها ثمّ تابعهم الناس فيها ، وهم : عمر بن الخطّاب ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، وأُسيد بن حضير ، وبشير بن سعد ، وسالم مولى أبي حذيفة.
الثاني : أنّ عمر رضى الله عنه جعل الشورى في ستّة ليعقد لأحدهم برضى الخمسة وهذا قول أكثر الفقهاء والمتكلّمين من أهل البصرة.
وقال آخرون من علماء الكوفة : تنعقد بثلاثة يتولاّها أحدهم برضى الاثنين ليكونوا حاكماً وشاهدين كما يصحّ عقد النكاح بوليّ وشاهدين.
وقالت طائفة أُخرى : تنعقد بواحد ؛ لأنّ العبّاس قال لعليّ : امدد يدك أُبايعك فيقول الناس : عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بايع ابن عمّه فلا يختلف عليك اثنان ، ولأنّه حُكم وحكم الواحد نافذ.
__________________
(١) الأحكام السلطانيّة : ٢ / ٦ ، ٧.