فذلك ثابت ويلزم الغير فعله ، خلافاً لبعض الناس حيث قال : لا تنعقد إلاّ بجماعة من أهل الحلّ والعقد ، ودليلنا أنّ عمر رضى الله عنه عقد البيعة لأبي بكر ولم ينكر أحد من الصحابة ذلك (١) ، ولأنّه عقد فوجب ألاّ يفتقر إلى عدد يعقدونه كسائر العقود ، قال الإمام أبو المعالي : من انعقدت له الإمامة بعقد واحد فقد لزمت ، ولا يجوز خلعه من غير حدث وتغيّر أمر ، قال : وهذا مجمع عليه.
قال الأميني : فما المبرّر عندئذٍ لتخلّف عبد الله بن عمر ، وأسامة بن زيد ، وسعد ابن أبي وقاص ، وأبي موسى الأشعري ، وأبي مسعود الأنصاري ، وحسّان ابن ثابت ، والمغيرة بن شعبة ، ومحمد بن مسلمة وبعض آخر من ولاة عثمان على الصدقات وغيرها عن بيعة مولانا أمير المؤمنين بعد إجماع الأمّة عليها؟ وما عذر تأخّرهم عن طاعته في حروبه ، وقد عُرفوا بين الصحابة وسمّوا المعتزلة لاعتزالهم بيعة عليّ (٢)؟
رأي الخليفة الثاني في الخلافة وأقواله فيها :
عن عبد الرحمن بن أبزي قال : قال عمر : هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد ، ثمّ في أهل أحد ما بقي منهم أحد ، وفي كذا وكذا ، وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ولا لمسلمة الفتح شيء. طبقات ابن سعد (٣) (٣ / ٢٤٨). وفي كلمة له ذكرها ابن
__________________
(١) كأنّ بني هاشم كلّهم ، والأنصار بأجمعهم إلاّ رجلين ، والزبير وعمّار وسلمان ومقداداً وأبا ذر وآخرين كثيرين من المهاجرين والمتخلّفين عن بيعه أبي بكر المنكرين إيّاها كما فصّل في محلّه لم يكونوا من الصحابة عند القرطبي ، وإلاّ فلا يجوز للمفسّر أن يكذب وهو يعلم أنّ التاريخ الصحيح سيكشف الستر عن دَجَله. (المؤلف)
(٢) المستدرك للحاكم : ٣ / ١١٥ [ ٣ / ١٢٤ ح ٤٥٩٦ ] ، تاريخ الطبري : ٥ / ١٥٥ [ ٤ / ٤٣١ حوادث سنة ٣٥ ه ] ، الكامل لابن الأثير : ٣ / ٨٠ [ ٢ / ٣٠٣ حوادث سنة ٣٥ ه ] ، تاريخ أبي الفداء : ١ / ١١٥ ، ١٧١. (المؤلف)
(٣) الطبقات الكبرى : ٣ / ٣٤٢.