ـ ١٠ ـ
رأي الخليفة في قصّة مالك
سار خالد بن الوليد يريد البطاح حتى قدمها فلم يجد بها أحداً ، وكان مالك بن نويرة قد فرّقهم ونهاهم عن الاجتماع وقال : يا بني يربوع إنّا دُعينا إلى هذا الأمر فأبطأنا عنه فلم نفلح ، وقد نظرت فيه فرأيت الأمر يتأتّى لهم بغير سياسة ، وإذا الأمر لا يسوسه الناس ، فإيّاكم ومناوأة قوم صنع لهم ، فتفرّقوا وادخلوا في هذا الأمر ، فتفرّقوا على ذلك ، ولمّا قدم خالد البطاح بثّ السرايا وأمرهم بداعية الإسلام وأن يأتوه بكلّ من لم يُجب ، وإن امتنع أن يقتلوه ، وكان قد أوصاهم أبو بكر أن يؤذّنوا ويقيموا إذا نزلوا منزلاً فإن أذّن القوم وأقاموا فكفّوا عنهم ، وإن لم يفعلوا فلا شيء إلاّ الغارة ثمّ تقتلوا كلّ قتلة ، الحرق فما سواه ، وإن أجابوكم إلى داعية الإسلام فسائلوهم فإن أقرّوا بالزكاة فاقبلوا منهم وإن أبوها فلا شيء إلاّ الغارة ، ولا كلمة ، فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر معه من بني ثعلبة بن يربوع ومن عاصم وعبيد وعرين وجعفر فاختلف السريّة فيهم ، وكان فيهم أبو قتادة فكان فيمن شهد أنّهم قد أذّنوا وأقاموا وصلّوا ، فلمّا اختلفوا فيهم أمر بهم فحبسوا في ليلة باردة لا يقوم لها شيء وجعلت تزداد برداً ، فأمر خالد منادياً فنادى : ادفئوا أسراكم. وكانت في لغة كنانة القتل ، فظنّ القوم أنّه أراد القتل ولم يرد إلاّ الدفء فقتلوهم ، فقتل ضرار بن الأزور مالكاً وسمع خالد الواعية فخرج وقد فرغوا منهم فقال : إذا أراد الله أمراً أصابه. وتزوّج خالد أمّ تميم امرأة مالك ، فقال أبو قتادة : هذا عملك ، فزبره خالد فغضب ومضى.
وفي تاريخ أبي الفداء : كان عبد الله بن عمر وأبو قتادة الأنصاري حاضرين ، فكلّما خالداً في أمره ، فكره كلامهما. فقال مالك : يا خالد ابعثنا إلى أبي بكر فيكون هو الذي يحكم فينا. فقال خالد : لا أقالني الله إن أقلتك وتقدّم إلى ضرار بن الأزور بضرب عنقه.