آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) (١) الآية. فأقام عمر عليهم الحدّ (٢).
وجلد أبو عبيدة أبا جندل العاصي بن سهيل وقد شرب الخمر متأوّلاً لقوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) الآية. كما في الروض الأُنف للسهيلي (٣) (٢ / ٢٣١).
وهل يرتاب أحد في أنّ سيفاً سلّه المولى سبحانه لا يكون فيه قطّ رهق ولا شغب ، ولا تسفك به دماء محرّمة ، ولا تُهتك به حرمات الله ، ولا يُرهف لنيل الشهوات ، ولا يُنضى للشبق ، ولا يُفتك به ناموس الإسلام ، ولا يحمله إلاّ يد أناس طيّبين ، ورجال نزيهين عن الخنابة (٤) والعيث والفساد؟
فما خالد وما خطره حتى يهبه الخليفة تلك الفضيلة الرابية ويراه سيفاً سلّه الله على أعدائه ، وهو عدوّ الله بنصّ من الخليفة الثاني كما مرّ (ص ١٥٩). أليست هذه كلّها تحكّماً وسرفاً في الكلام ، وزوراً في القول ، واتّخاذ الفضائل في دين الله مهزأةً ومجهلةً؟
كيف يسعنا أن نعدّ خالداً سيفاً من سيوف الله سلّه على أعدائه؟ وقد ورد في ترجمته وهي بين أيدينا : أنّه كان جبّاراً فاتكاً ، لا يراقب الدين فيما يحمله عليه الغضب وهوى نفسه ، ولقد وقع منه في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع بني جذيمة بالغميصاء (٥) أعظم ممّا وقع منه في حق مالك بن نويرة ، وعفا عنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد أن غضب عليه مدّة وأعرض عنه ، وذلك العفو هو الذي أطمعه حتى فعل ببني يربوع ما فعل بالبطاح (٦).
__________________
(١) المائدة : ٩٣.
(٢) الدرّ المنثور : ٢ / ٣٢١ [ ٣ / ١٧٤ ]. (المؤلف)
(٣) الروض الأُنف : ٦ / ٤٨٩.
(٤) الخنابة : الأثر القبيح.
(٥) الغميصاء : موضع في بادية العرب قرب مكة كان يسكنه بنو جذيمة بن عامر.
(٦) شرح ابن أبي الحديد : ٤ / ١٨٧ [ ١٧ / ٢١٤ كتاب ٣٢ ]. (المؤلف)