فإنّي أعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطاً لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا لا يعلم ولا تعلمون ، ففعل ، ثمّ رجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره الخبر ، فقال : «أصبت وأحسنت» قال : ثمّ قام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاستقبل القبلة قائماً شاهراً يديه حتى إنّه ليرى ما تحت منكبيه يقول : «اللهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد بن الوليد» ثلاث مرّات.
وقد كان بين خالد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام في ذلك ، فقال له عبد الرحمن بن عوف : عملت بأمر الجاهلية في الإسلام (١). وفي الإصابة : أنكر عليه عبد الله بن عمر وسالم مولى أبي حذيفة. وقد تُعدّ هذه الفضيحة أيضاً من جنايات لغة كنانة كما في الإصابة (٢ / ٨١).
فهذا الرهق والسرف في سيف خالد على عهد أبي بكر من بقايا تلك النزعات الجاهليّة ، وهذه سيرته من أوّل يومه ، فأنّى لنا أن نعدّه سيفاً من سيوف الله وقد تبرّأ منه نبيّ الإسلام الأعظم غير مرّة ، مستقبل القبلة شاهراً يديه وأبو بكر ينظر إليه من كثب؟
ـ ١١ ـ
ثلاثة وثلاثة وثلاثة
عن عبد الرحمن بن عوف قال : إنّه دخل على أبي بكر الصدّيق رضى الله عنه في مرضه الذي توفّي فيه فأصابه مهتّماً ، فقال له عبد الرحمن : أصبحت والحمد لله بارئاً ، فقال أبو بكر رضى الله عنه : أتراه؟ قال : نعم. قال : إنّي ولّيت أمركم خيركم في نفسي ، فكلّكم ورم أنفه من ذلك ، يريد أن يكون الأمر له دونه ، ورأيتم الدنيا قد أقبلت ولمّا تقبل ، وهي مقبلة
__________________
(١) سيرة ابن هشام : ٤ / ٥٣ ـ ٥٧ [ ٤ / ٧٠ ـ ٧٣ ] ، طبقات ابن سعد طبع مصر رقم التسلسل : ص ٦٥٩ [ ٢ / ١٤٧ ـ ١٤٨ ] ، صحيح البخاري شطراً منه في كتاب المغازي باب بعث خالد إلى بني جذيمة [ ٤ / ١٥٧٧ ح ٤٠٨٤ ] ، تاريخ أبي الفداء : ١ / ١٤٥ أُسد الغابة : ٣ / ١٠٢ [ ٢ / ١١٠ رقم ١٣٩٩ ] ، الإصابة : ١ / ٣١٨ [ رقم ١٦٥٠ ] و ٢ / ٨١ [ رقم ٣٤٨٨ ]. (المؤلف)