حتى تتّخذوا ستور الحرير ، ونضائد الديباج ، وتألموا الاضطجاع على الصوف الأذري كما يألم أحدكم أن ينام على حسك ، والله لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حدّ خير له من أن يخوض في غمرة الدنيا ، وأنتم أوّل ضالّ بالناس غداً فتصدّونهم عن الطريق يميناً وشمالاً ، يا هادي الطريق إنّما هو الفجر أو البجر. فقلت له : خفّض عليك رحمك الله ، فإنّ هذا يهيضك في أمرك ، إنّما الناس في أمرك بين رجلين : إمّا رجل رأى ما رأيت فهو معك. وإمّا رجل خالفك فهو مشير عليك وصاحبك كما تحبّ ، ولا نعلمك أردت إلاّ خيراً ، ولم تزل صالحاً مصلحاً ، وإنّك لا تأسى على شيءٍ من الدنيا.
قال أبو بكر رضى الله عنه : أجل إنّي لا آسي على شيء من الدنيا إلاّ على ثلاث فعلتهنّ وددت أنّي تركتهنّ. وثلاث تركتهنّ وددت أنّي فعلتهنّ. وثلاث وددت أنّي سألت عنهنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فأمّا الثلاث اللاتي وددت أنّي تركتهنّ : فوددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن كانوا قد غلقوه على الحرب. ووددت أنّي لم أكن حرقت الفجاءة السلمي وأنّي كنت قتلته سريحاً ، أو خلّيته نجيحاً. ووددت أنّي يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين ـ يريد عمر وأبا عبيدة ـ فكان أحدهما أميراً وكنت وزيراً.
وأما اللاتي تركتهنّ فوددت أنّي يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيراً كنت ضربت عنقه ، فإنّه تخيّل إليّ أنّه لا يرى شرّا إلاّ أعان عليه. ووددت أنّي حين سيّرت خالد بن الوليد إلى أهل الردّة كنت أقمت بذي القصّة فإن ظفر المسلمون ظفروا ، وإن هُزموا كنت بصدد لقاء أو مدد. ووددت أنّي إذ وجّهت خالد بن الوليد إلى الشام كنت وجّهت عمر بن الخطّاب إلى العراق ، فكنت قد بسطت يدي كلتيهما في سبيل الله. ومدّ يديه.
ووددت أنّي كنت سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن هذا الأمر؟ فلا ينازعه أحد ،