ـ ٣ ـ
شجاعة الخليفة
لم يؤثر عن الخليفة قبل الإسلام مشهد يدلّ على فروسيّته ، كما أنّه لم نجد له في مغازي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مع كثرتها وشهوده فيها موقفاً يشهد له بالبسالة ، أو وقفة تخلّد له الذكر في التاريخ ، أو خطوة قصيرة في ميادين تلك الحروب الدامية تُعرب عن شيء من هذا الجانب الهامّ غير ما كان في واقعة خيبر من فراره عن مناضلة مرحب اليهودي كصاحبه عمر بن الخطّاب.
قال عليّ وابن عبّاس : بعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا بكر إلى خيبر فرجع منهزماً ومن معه ، فلمّا كان من الغد بعث عمر فرجع منهزماً يُجبِّن أصحابَه ويُجبِّنه أصحابُه.
أخرجه الطبراني والبزّار كما في مجمع الزوائد (٩ / ١٢٤) ورجال إسناد البزّار رجال الصحيح غير محمد بن عبد الرحمن ومحلّه الصدق (١) ، وذكر انهزام الرجلين يوم خيبر القاضي عضد [ الدين ] الإيجي في المواقف (٢) وأقرّه شرّاحه كما في شرحه (٣) (٣ / ٢٧٦) ، وذكره القاضي البيضاوي في طوالع الأنوار كما في المطالع (ص ٤٨).
ويُعرب عن فرارهما يوم ذاك قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ما فرّا : «لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ليس بفرّار». وفي لفظ : «كرّار غير فرّار». وفي لفظ : «والذي كرّم وجه محمد لأعطينّها رجلاً لا يفرّ» ، وفي لفظ : «لأدفعنّ إلى رجل لن يرجع حتى يفتح الله له». وفي لفظ :
__________________
(١) الجرح والتعديل : ٧ / ٣٢٣ رقم ١٧٣٩.
(٢) المواقف : ص ٤١٠.
(٣) شرح المواقف للجرجاني : ٨ / ٢٦٩.