قال الأميني : لقد كانت على الأبصار غشاوة عن رؤية هذا السيف الذي كان بيد الخليفة ، فلم يُؤثر أنّه تقلّده يوماً ، أو سلّه في كريهة ، أوهابه إنسان في معمعة ، حتى يقرن برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي كان منذ بعث سيفاً لله تعالى مجرّداً.
إنّ الرسولَ لنورٌ يُستضاءُ به |
|
مُهنّدٌ من سيوفِ اللهِ مسلولُ (١) |
أو يقرن بمثل الزبير الذي عرفته وسيفه الحرب الزبون فشكرته ، وقد سجّل التاريخ مواقفه المشهودة ، وسجّل للخليفة يوم خيبر وأمثاله.
وأنا لا أدري بأيّ خصلة في الخليفة نيط بقاء الإسلام ، أبشجاعته هذه؟ أم بعلمه الذي عرفت كميّته؟ أم بما ذا؟ فظُنّ خيراً ولا تسأل عن الخبر.
ـ ٤ ـ
ثبات الخليفة على المبدأ
عن أبي سعيد الخدري : أنّ أبا بكر جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله إنّي مررت بوادي كذا وكذا ، فاذا رجل متخشّع حسن الهيئة يصلّي ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذهب إليه فاقتله» ، قال : فذهب اليه أبو بكر ، فلمّا رآه على تلك الحالة كره أن يقتله فجاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمر : «اذهب إليه فاقتله» : قال فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر فكره أن يقتله فرجع ، فقال : يا رسول الله إنّي رأيته متخشّعاً فكرهت أن أقتله ، قال : «يا عليّ اذهب فاقتله». فذهب علي فلم يره فرجع ، فقال : «يا رسول الله إنّي لم أره». فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثمّ لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فُوقه فاقتلوهم هم شرّ البريّة» (٢).
__________________
(١) البيت من قصيدة لكعب بن زهير المشهورة ب : بانت سعاد. (المؤلف)
(٢) مسند أحمد : ٣ / ١٥ [ ٣ / ٣٩٠ ح ١٠٧٣٤ ] ، تاريخ ابن كثير : ٧ / ٢٩٨ [ ٧ / ٣٣٠ حوادث سنة ٣٧ ه ]. (المؤلف)