لدى الصدّيق وصاحبه في قوله حول الرجل وإعرابه عن نواياه؟
كان خيراً للشيخين أن يتركا هذا التعلّل الواضح فساده ويتعلّلا بما في لفظ أبي نعيم في الحلية من أنّهما هابا أن يقتلاه ، وبما أسلفناه عن ثمار القلوب للثعالبي من أنّهما كعّا عن الرجل. أي جبنا وضعفا وتهيّبا الرجل ، وإن كان مصلّياً غير شاك السلاح ، فلعلّه يكون معذّراً لهما عن ترك الامتثال ، فلا يكلّف الله نفساً إلاّ وسعها ، لكنّهما يوم عرفا نفسهما كذلك والإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره لما ذا أقدما على قتل الرجل ، ففوّتا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم طلبته وعلى الأمّة السلام والأمن ولو بعد لأي من عمر الدهر عند ثورات الخوارج؟ وأبو بكر هذا هو الذي يحسبه ابن حزم والمحبّ الطبري والقرطبي والسيوطي أشجع الناس كما مرّ (ص ٢٠١) وقد يهابه ظلّ الرجال في مصلاّهم!
وللرجل ـ ذي الثُديّة ـ سابقة سوء عند الشيخين من يوم قسم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غنيمة هوازن ، قال ذو الثديّة للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : لم أرك عدلت! أو : لم تعدل هذه قسمة ما أُريد بها وجه الله! فغضب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : «ويحك إذا لم يكن العدل ، عندي فعند من يكون؟» فقال عمر : يا رسول الله ألا أقتله؟ قال : «لا ، سيخرج من ضئضئ هذا الرجل قوم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرميّة لا يجاوز إيمانهم تراقيهم». تاريخ أبي الفداء (١ / ١٤٨) ، الإمتاع للمقريزي (ص ٤٢٥).
ـ ٥ ـ
تهالك الخليفة في العبادة
لم يؤثر عن الخليفة دأب على العبادة على العهد النبويّ أو بعده غير أشياء لا تُنجع من أثبتها له إلاّ بعد تمحّل متطاول ، أو تفلسف في القول لو أجْدَت الفلسفة على لا شيء.