مهبّ الريح تجاه حجاج المجادل ، وو جاه سيرة الخليفة نفسه ، وما عزاه إلى الرواية من حديث خرافة : ما صبّ الله في صدري شيئاً إلاّ وصببته في صدر أبي بكر. فهو على تنصيص العلماء على وضعها كما مرّ في (٥ / ٣١٦) لا يلزم به الخصم ، ولا يثبت به المدّعى ، وفيه من سرف القول ما لا يخفى على العارف بالرجال وتاريخهم.
ـ ٦ ـ
تبرّز الخليفة في الأخلاق
لم نقف من أخلاقيّات الخليفة على شيء يرفع الإنسان من هذه الناحية عدا ما في صحيح البخاري في كتاب التفسير من طريق ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير قال : قدم ركب من بني تميم على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال أبو بكر : أمّر القعقاع بن معبد ، وقال عمر : أمّر الأقرع بن حابس (١). فقال أبو بكر : ما أردت إلاّ خلافي ، فقال عمر : ما أردت خلافك ، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما ، فنزل في ذلك : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢).
وأخرج البخاري من طريق ابن أبي مليكة أيضاً ، قال : كاد الخيّران أن يهلكا أبو بكر وعمر ، رفعا أصواتهما عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حين قدم عليه ركب بني تميم ، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع ، وأشار الآخر برجل آخر. قال نافع : لا أحفظ اسمه. فقال أبو بكر لعمر : ما أردت إلاّ خلافي ، قال : ما أردت خلافك ، فارتفعت أصواتهما في ذلك ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ
__________________
(١) الأقرع بن حابس هو ذلك الأعرابي الذي رآه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يبول في المسجد ، وقد أخرج حديثه البخاري في صحيحه [ ٤ / ١٨٣٤ ح ٤٥٦٦ ] ، راجع إرشاد الساري : ١ / ٢٨٤ [ ١ / ٥٢٠ ] (المؤلف)
(٢) الحجرات : ١.