اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (١).
وأعوص من ذلك إنشاد الملائكة إيّاها في كلّ نهار تلك الأُنشودة الضخمة ووحي الله إليهم بها طيلة عمر الدنيا.
هكذا تشوّه رواة السوء سمعة السنّة الشريفة ، وهي مقدّسة عن هذه الأوهام الخرافيّة ، وأنّ هذه كلّها من جرّاء الغلوّ الممقوت في الفضائل ، ولو كان مختلق هذه المرسلة المقطوعة عن الإسناد يعلم ما ذكرناه من الفضائح المترتبة على افتعالها لما اقتحم هذا الاقتحام المزري.
ـ ٢ ـ
التوسّل بلحية أبي بكر
ذكر اليافعي في روض الرياحين (٢) عن أبي بكر الصدّيق رضى الله عنه أنّه قال : بينما نحن جلوس بالمسجد وإذا نحن برجل أعمى قد دخل علينا وسلّم فرددنا عليهالسلام وأجلسناهُ بين يدي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : من يقضيني حاجة في حبّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فقال أبو بكر رضى الله عنه : ما حاجتك يا شيخ؟ فقال : إنّ لي أهلاً ولم يكن عندي ما نقتات به ، وأريد من يدفع لنا شيئاً نقتات به في حبّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال : فنهض أبو بكر الصدّيق رضياللهعنه وقال : نعم أنا أعطيك ما يقوم بك في حبّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. ثمّ قال : هل من حاجة أخرى؟ فقال : نعم إنّ لي ابنة اريد من يتزوّج بها في حياتي حبّا في محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال أبو بكر : أنا أتزوّج بها في حياتك حبّا في رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هل من
__________________
(١) يس : ٤٠.
(٢) طبع بمصر في المطبعة السعيدية هامش العرائس للثعلبي ، توجد الرواية في : ص ٤٤٣. ينقل عنه القسطلاني في المواهب [ ٢ / ٢٨ ] ، وقال الزرقاني في شرح المواهب : ٣ / ١٥٧ : مؤلّف حسن ، وطبع لليافعي كتاب آخر مستقل في مصر سنة ١٣١٥ باسم روض الرياحين أيضاً ، وهو تأليفه الآخر غير المطبوع في حاشية العرائس. (المؤلف)