حاجة أخرى؟ فقال : نعم اريد أن أضع يدي في شيبة أبي بكر الصدّيق رضي الله تعالى عنه حبّا في محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. فنهض أبو بكر رضى الله عنه ووضع لحيته في يد الأعمى وقال : امسك لحيتي في حبّ محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال : فقبض الأعمى بلحية أبي بكر الصدّيق صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : يا ربّ أسألك بحرمة شيبة أبي بكر إلاَّ رددت عليّ بصري. قال : فردّ الله عليه بصره لوقته ، فنزل جبريل عليهالسلام على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : يا محمد السلام يقرئك السلام ، ويخصّك بالتحيّة والإكرام ، ويقول لك : وعزّته وجلاله لو أقسم عليّ كل أعمى بحرمة شيبة أبي بكر الصدّيق لرددت عليه بصره ، وما تركت على وجه الأرض أعمى ، وهذا كلّه ببركتك وعلوّ قدرك وشأنك عند ربّك.
قال الأميني : إنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. حقّا إنّ هذا الضرير قد عمي قلبه قبل بصره ، فلم يعقل أنّ القسَم بشيبة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أولى من شيبة أبي بكر ، فهي مقدّمة قداسةً وشرفاً وزلفةً عند الله سبحانه ، وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم أكبر من أبي بكر سنّا وأكثر شيبة ، فما أعمى الرجل عنها إن كان يريد مقسماً به يبرّ الله سبحانه به قسمه؟ أو أنّه كان له في شيبة أبي بكر غاية لم نعرفها؟ ثمّ أين عن هذه الشيبة عميان أهل السنّة؟ وما أغفلهم عن الوحي المنزل فيها؟ فيقسمون على الله بها فيكشف عن أبصارهم ، وما بال الحفّاظ وأئمّة الحديث أرجأوا نشر هذه الرواية إلى القرن الثامن عهد اليافعي؟ هل بخلوا على عميان الأمّة بمثل هذا النجاح الباهر وفي الوحي المزعوم قوله سبحانه : وعزّتي وجلالي لو أقسم عليّ كل أعمى. إلى آخره؟ أو أنّهم وجدوا مولد هذا الحديث بعد عصورهم فلم يشيدوا بذكره؟ أو رأوا فيه غلوّا فاحشاً بتقديم لحية أبي بكر على شيبة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فطووا عن روايته كشحاً؟ أو عقلوا فيه مهزأة بالله ووحيه وأمينه ونبيّه فضربوا عنه صفحاً؟
وللقوم حول شيبة أبي بكر روايات منها ما أسلفناه في الجزء الخامس (ص ٣١٧) من أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا اشتاق إلى الجنّة قبّل شيبة أبي بكر. ومرّ هنالك أنّها