يرحض عنه ذلك بإحياء الرجل وعدم إماتته كرامة له ، وهل يرحضه ذلك بعد أن وقع الكذب؟ أنا لا أدري.
وهل كانت كرامة أبي بكر على الله أعظم من كرامة رسول الله عليه؟ حيث لم يرضَ بظهور الكذب عليه ورضيه على مصطفاه ، ولم يكن في انتشاره عنه كسر للإسلام لكن انتشاره عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فتّ في عضد الدين.
ثمّ اعجب من تعليل الرواية بأنّ أبا بكر كان صدّيقاً. أو لم يكن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سيّد الصدّيقين أجمع؟ وهب أنّ وحي هذه المزعمة خفّف عن ساحة النبوّة شيئاً يمكن أن يفوه به من اختلقها بأنّ الأمر كان كما أخبر به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لكن أحيا الله الرجل للغاية التي ذكرها فلا كذب صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكن يدفعه ما قدّمناه من أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يخبر عن موت الرجل وإنّما أخبر عن أنّها لن تجتمع به أبداً وقد وقع خلاف ما أنبأ به. نعم ؛ لعلّ ما مرّ من رأي الخليفة من جواز تقديم المفضول على الفاضل ، أو الغلوّ في الفضائل ، يرخّصان بكلّ ما ذكر.
ـ ٧ ـ
كرامة دفن أبي بكر
أخرج ابن عساكر في تاريخه (١) قال : روي أن أبا بكر رضى الله عنه لمّا حضرته الوفاة قال لمن حضره : إذا أنا متّ وفرغتم من جهازي فاحملوني حتى تقفوا بباب البيت الذي فيه قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقفوا بالباب وقولوا : السلام عليك يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن ، فإن أذن لكم بأن فتح الباب وكان الباب مغلقاً بقفل فأدخلوني وادفنوني ، وإن لم يفتح الباب فأخرجوني إلى البقيع وادفنوني به ، فلمّا وقفوا على الباب وقالوا ما ذكر سقط القفل وانفتح الباب وإذا بهاتف يهتف من القبر : أدخلوا الحبيب إلى الحبيب ، فإنّ الحبيب إلى الحبيب مشتاق.
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق : ٣٠ / ٤٣٦ رقم ٣٣٩٨ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٣ / ١٢٥.