(وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ) (١).
كأنّ هؤلاء يحدّثون عن أُمّة بائدة لم يُبقِ لها الملوان من يشاهده أحد من الأجيال الحاضرة ، أو ليست الشيعة هؤلاء الذين هم مبثوثون في أرجاء العالم وأجواء الأمم ، يشاهدهم كلّ ذي بصر وبصيرة أحياءً وأمواتاً؟ فمن ذا الذي شهد أحدهم أنّه انقلب عند موته خنزيراً غير أولئك الشبّان الموهومين الذين شاهدوا ابن منير في قبره؟ وهل الشيخ عليا المالكي هو وجد أحداً من الشيعة كما وصفه؟ أو رُوي له ذاك الإفك فوثق به كما وثق العبيدي؟ وهل كان يمكنه أن يقف على الموتى جميعاً أو أكثرهم وليس هو بمغسّل الموتى أو من حفّاري القبور ولا من نبّاشيها؟
على أنّ التشيّع ليس من ولائد تلكم العصور وإنّما بدأ به منذ العهد النبويّ ، فهل كان السلف الشيعيّ من الصحابة والتابعين يموتون كذلك وكان فيهم من يعرف بالتشيّع كأبي ذر وسلمان وعمّار والمقداد وأبي الطفيل؟ فهل يسحب هذا الرجل ذيل مزعمته إلى ساحة أُولئك الأعاظم؟ قطعت جهيزة قول كلّ خطيب (٢).
ـ ١٠ ـ
أبو بكر شيخ يُعرف والنبيّ شابّ لا يُعرف
عن أنس بن مالك قال : أقبل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة ، وأبو بكر شيخ يُعرف والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم شابّ لا يُعرف ؛ فيلقى الرجل أبا بكر (٣) فيقول : يا أبا بكر من هذا الذي
__________________
(١) النساء : ١٠٨.
(٢) مثل يضرب لمن يقطع على الناس ما هم فيه بحماقة يأتي بها [ مجمع الأمثال : ٢ / ٤٧٤ رقم ٢٧٨٣٠ ]. (المؤلف)
(٣) في الانتقال من بني عمرو. كذا قاله القسطلاني في إرشاد الساري : ٦ / ٢١٤ [ ٨ / ٤٤٠ رقم ٣٩١١ ] وبنو عمرو بن عوف هم من الأنصار النازلين بقباء كان قد نزل عليهم رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم في هجرته إلى المدينة كما يأتي تفصيله. (المؤلف)