٢ ـ أين كان يقول أبو بكر : صدق صدق؟ أيقولها وهو في محلّه بمرأى من الناس ومسمع فيُسمعها الشمس بالإعجاز؟ أو كان يحضر على ذلك البحر الذي لم يحدّد بأيّ ساحل فيغيب عن الناس وتطوى له المسافة بخرق العادات؟ فَلِمَ لم يُحدّث عنه ذلك ولو مرّة واحدة؟ أو أنّه يذهب هو ويدع قالبه المثالي بين الناس فيحسبونه هو هو؟ أو أنّه يثبت في مكانه فيرسل قالبه ذلك فتحسبه الشمس أنّه هو؟.
٣ ـ هب أنّ الشمس تحمل حياة روحيّة ، فهل تحمل معها نفساً أمّارة بالسوء بها تعجب بنفسها؟ أنا لا أدري. وعلى فرض ثبوت النفس الأمّارة ، فما بالها تدأب على المعصية وهي ترى استمرار العقوبة مع كلّ عصيان؟ فهل هي تتوب بعد كلّ معصية ثمّ تعود إليها بنسيان العقاب أو غلبة الشهوة؟ ومن المعلوم أنّ الكسوف لم ينقطع ليلة المعراج فهو من الكائنات المتجدّدة إلى انقراض العالم ، فكأنّ الشمس حينئذٍ كانت تخبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بتصميمها على الاستمرار على المعصية منذ كلّ كسوف ، فمتى تتوب هذه العاصية الشاعرة؟ أنا لا أدري. وفي ذمّة الصفوري صاحب الكتاب الخروج عن عهدة هذه الأسئلة. فهل يخرج؟ أنا لا أدري ، وهذا أيضاً من الغلوّ في الفضائل والحبّ المعمي والمصمّ.
ـ ١٦ ـ
كلبة من الجنّ مأمورة
عن أنس بن مالك قال. كنّا جلوساً عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ أقبل إليه رجل من أصحابه وساقاه تشخبان دماً ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما هذا؟ قال : يا رسول الله ، مررت بكلبة فلان المنافق فنهشتني. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : اجلس ، فجلس بين يدي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. فلمّا كان بعد ذلك بساعة إذ أقبل إليه رجل آخر من أصحابه وساقاه تشخبان دماً مثل الأوّل ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما هذا؟ فقال : يا رسول الله إنّي مررت بكلبة فلان المنافق فنهشتني ، قال : فنهض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : وقال لأصحابه : هلمّوا بنا إلى هذه الكلبة نقتلها ،