ـ ١٧ ـ
هبة أبي بكر لمحبّيه
عن عكرمة عن ابن عبّاس قال : قال عليّ رضى الله عنه : كنت جالساً مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وليس معنا ثالث إلاّ الله عزّ وجلّ ، فقال : يا عليّ تريد أن أُعرّفك بسيّد كهول أهل الجنّة وأعظمهم عند الله قدراً ومنزلة يوم القيامة؟ فقلت : إي وعيشك يا رسول الله. قال : هذان المقبلان. قال عليّ. فالتفتّ فإذا أبو بكر وعمر ، ثمّ رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تبسّم ثمّ قطّب وجهه حتى ولجا المسجد ، فقال أبو بكر : يا رسول الله لمّا قربنا من دار أبي حنيفة (١) تبسّمت لنا ثمّ قطّبت وجهك ، فلِمَ ذلك يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لمّا صرتما لجانب دار أبي حنيفة (٢) عارضكما إبليس ونظر في وجوهكما ثمّ رفع يديه إلى السماء أسمعه وأراه وأنتما لا تسمعانه ولا تريانه وهو يدعو ويقول : اللهمّ إنّي أسألك بحقّ هذين الرجلين أن لا تعذّبني بعذاب باغضي هذين الرجلين. قال أبو بكر : ومن هو الذي يبغضنا يا رسول الله ، وقد آمنّا بك وآزرناك وأقررنا بما جئت به من عند ربّ العالمين؟ قال : نعم يا أبا بكر ، قوم يظهرون في آخر الزمان يقال لهم الرافضة ، يرفضون الحقّ ويتأوّلون القرآن على غير صحّته ، وقد ذكرهم الله في كتابه العزيز وهو قوله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) (٣). فقال : يا رسول الله فما جزاء من يبغضنا عند الله؟ قال : يا أبا بكر حسبك أنّ إبليس لعنه الله تعالى يستجير بالله تعالى أن لا يعذّبه بعذاب باغضيكما. قال : يا رسول الله هذا جزاء من قد أبغض فما جزاء من قد أحبّ؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أن تهديا له هديّة من أعمالكما. فقال : أبو بكر رضى الله عنه : يا رسول الله أُشهدك وأشهد الله وملائكته
__________________
(١) كذا في المصدر.
(٢) كذا في المصدر.
(٣) النساء : ٤٦ ، والمائدة : ١٣.