الله تعالى ومشيئة منه رعاية للنظام الأصلح ، فلما ذا تغيّر وجهه صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا قدّره المولى سبحانه وشاءه وأحبّه؟ ولم تكن له غاية إلاّ الحصول على مرضاته والدعوة إليها وإيقاف الأمّة عليها أوَليس هذا ممّا ينافي عصمته ويضادّ مقامه الأسمى؟ لكن الغلوّ في الفضائل قد يصحّح أمثال ذلك. فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
ـ ٢٧ ـ
ما أسلم أبو مهاجر إلاّ أبو أبي بكر
أخرج ابن مندة وابن عساكر (١) عن عائشة رضى الله عنها قالت : ما أسلم أبو أحد من المهاجرين إلاّ أبو أبي بكر. تاريخ الخلفاء للسيوطي (٢) (ص ٧٣).
وروى المحبّ الطبري في رياضه (٣) (١ / ٤٧) عن الواحدي مرسلاً بلا إسناد عن عليّ بن أبي طالب أنّه قال في أبي بكر : أسلم أبواه جميعاً ولم يجتمع لأحد من الصحابة المهاجرين أسلم أبواه غيره. وذكره القرطبي في تفسيره (٤) (١٦ / ١٩٤).
وأخذ غير واحد من المتأخرين كالشبلنجي ونظرائه هذين الحديثين فعدّوهما من فضائل أبي بكر المتسالم عليها.
قال الأميني : نحن نقدّس ساحة عليّ وعائشة عن مثل هذا الكذب الفاحش الذي ينادي التاريخ بخلافه ، وتكذّبه سيرة الصحابة المهاجرين ، وإنّما الحبّ الدفين قد أعمى رواة هذه الأفيكة وأصمّهم عمّا في غضون الكتب ، فأسرفوا في القول وتغالوا في الفضائل غير مكترثين لمغبّة قيلهم ، أهذا مبلغهم من العلم؟ أم يقولون على الله الكذِب وهم يعلمون؟
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق : ٣٠ / ٢٤ رقم ٣٣٩٨.
(٢) تاريخ الخلفاء : ص ١٠٠.
(٣) الرياض النضرة : ١ / ٦٨.
(٤) الجامع لأحكام القرآن : ١٦ / ١٢٩.