القسم الثاني :
لا يوجد في كتب الحديث ومعاجم التراجم ما يدلّ على إسلام أبي قحافة إلاّ ما أخرجه أحمد في مسنده (١) (٦ / ٣٤٩) من طريق ابن إسحاق عن أسماء بنت أبي بكر قالت : لمّا وقف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذي طوى قال أبو قحافة لابنة له من أصغر ولده : أي بنيّة اظهري بي على أبي قبيس. قالت : وقد كفّ بصره ، قالت : فأشرفت به عليه ، فقال : يا بنيّة ما ذا ترين؟ قالت : أرى سواداً مجتمعاً. قال : تلك الخيل. قالت : وأرى رجلاً يسعى بين ذلك السواد مقبلاً ومدبراً. قال : يا بنيّة ذاك الوازع يعني الذي يأمر الخيل ويتقدّم اليها. ثمّ قالت : قد والله انتشر السواد. فقال : قد والله إذا دفعت الخيل فاسرعي بي إلى بيتي ، فانحطّت به وتلقّاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته وفي عنق الجارية طوق لها من ورِق فتلقّاها رجل فاقتلعه من عنقها. قالت : فلمّا دخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مكة ودخل المسجد أتاه أبو بكر بأبيه يقوده. فلمّا رآه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : هلاّ تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه. قال أبو بكر : يا رسول الله هو أحقّ أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه. قال : فأجلسه بين يديه ثمّ مسح صدره ثمّ قال له : أسلم ، فأسلم ودخل به أبو بكر رضى الله عنه على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورأسه كأنّه ثغامة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : غيّروا هذا من شعره. ثمّ قام أبو بكر فأخذ بيد أُخته فقال : أنشد بالله وبالإسلام طوق أُختي فلم يجبه أحد ، فقال : يا أُخيّة : احتسبي طوقك.
وفي لفظ المحبّ الطبري في الرياض (٢) (١ / ٤٥) : احتسبي طوقك ، فو الله إنّ الأمانة في الناس اليوم قليل.
قال الأميني : هذه الرواية لا تصحّ لمكان محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار
__________________
(١) مسند أحمد : ٧ / ٤٨٩ ح ٢٦٤١٦.
(٢) الرياض النضرة : ١ / ٦٥ ـ ٦٦.