الزمان فآمنت به ، فمن أدركه من ولدي فليؤمن به.
قال الأميني : أترى أنّ أبا طالب يروي ذلك عن أبيه مطمئنّا به؟ وينشّط رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا التنشيط لأوّل يومه ، ويأمره بإشهار أمره والإشادة بذكر الله ، وهو مخبت بأنّه هو ذلك النبيّ الموعود بلسان أبيه والكتب السالفة ، ويتكهّن بخضوع العرب له ، أتراه سلام الله عليه يأتي بهذه كلّها ثمّ لا يؤمن به؟ إن هذا إلاّ اختلاق.
٥ ـ أبو طالب وفقده النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
ذكر ابن سعد الواقدي في الطبقات الكبرى (١) (١ / ١٨٦) طبع مصر و (ص ١٣٥) طبع ليدن حديث ممشى قريش إلى أبي طالب في أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أن قال : فاشمأزّوا ونفروا منها ـ يعني من مقالة محمد ـ وغضبوا وقاموا وهم يقولون : اصبروا على آلهتكم ، إنّ هذا لشيء يُراد ، ويقال المتكلّم بهذا عقبة بن أبي معيط. وقالوا : لا نعود إليه أبداً ، وما خيرٌ من أن نغتال محمداً. فلمّا كان مساء تلك الليلة فقد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجاء أبو طالب وعمومته إلى منزله فلم يجدوه ، فجمع فتياناً من بني هاشم وبني المطلّب ثمّ قال : ليأخذ كلّ واحد منكم حديدة صارمة ، ثمّ ليتبعني إذا دخلت المسجد ، فلينظر كلّ فتى منكم فليجلس إلى عظيم من عظمائهم فيهم ابن الحنظلية ـ يعني أبا جهل ـ فإنّه لم يغب عن شرّ إن كان محمد قد قُتل ، فقال الفتيان : نفعل ، فجاء زيد بن حارثة فوجد أبا طالب على تلك الحال ؛ فقال : يا زيد أحسست ابن أخي؟ قال : نعم كنت معه آنفاً. فقال أبو طالب : لا أدخل بيتي أبداً حتى أراه ؛ فخرج زيد سريعاً حتى أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في بيت عند الصفا ومعه أصحابه يتحدّثون ، فأخبره الخبر ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أبي طالب ، فقال : يا بن أخي أين كنت؟ أكنت في خير؟ قال : نعم. قال : ادخل بيتك ، فدخل
__________________
(١) الطبقات الكبرى : ١ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣.