والله لن يصلوا إليك بجمعِهمْ |
|
حتى أُوسَّدَ في التراب دفينا |
ودعوتني وعلمت أنّك ناصحي |
|
ولقد صدقتَ وكنتَ قبلُ أمينا |
وذكرت ديناً لا محالة أنَّه |
|
من خيرِ أديان البريّة دينا (١) |
فرجعت قريش على أبي طالب بالعتب والاستعطاف وهو لا يحفل بهم ولا يلتفت إليهم.
قال الأميني : هذا شيخ الأبطح يروقه أن يُضحّي كلّ قومه دون نبيّ الإسلام وقد تأهّب لأن يطأ القوميّات كلّها والأواصر المتّشجة بينه وبين قريش بأخمص الدين ، فحيّاها الله من عاطفة إلهيّة ، وآصرة دينيّة هي فوق أواصر الرحم.
٦ ـ أبو طالب في بدء الدعوة :
لمّا نزلت : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢). خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فصعد على الصفا فهتف : يا صباحاه. فاجتمعوا إليه ، فقال : «أرأيتكم لو أخبرتكم أنّ خيلاً تخرج بسفح الجبل أكنتم مصدّقي؟» قالوا : نعم ما جرّبنا عليك كذباً. قال : «فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد». فقال أبو لهب : تبّا لك ، أما جمعتنا إلاّ لهذا؟ ثمّ أحضر قومه في داره ، فبادره أبو لهب وقال : هؤلاء هم عمومتك وبنو عمّك فتكلّم ودع الصبأة (٣) واعلم أنّه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة ، وأنّ أحقّ من أخذك فحبسك بنو أبيك ، وإن أقمت ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن ينبّ لك بطون قريش ، وتمدّهم العرب ، فما رأيت أحداً جاء على بني أبيه بشرّ ممّا جئتهم به. فسكت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يتكلّم.
__________________
(١) راجع ما أسلفناه : ص ٣٣٤. (المؤلف)
(٢) مرّ حديثها في الجزء الثاني : ص ٢٧٨. (المؤلف)
(٣) الصبأ : الخروج من دين إلى دين آخر. (المؤلف)