أوّل يومه ، لكنّه لمّا شعر بأزوف الأجل وفوات الغاية المذكورة أبدى ما أجنّته أضالعه (١) فأوصى بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بوصيّته الخالدة.
١٤ ـ وصيّة أبي طالب لبني أبيه :
أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى (٢) : أنّ أبا طالب لمّا حضرته الوفاة دعا بني عبد المطّلب فقال : لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد ، وما اتّبعتم أمره ، فاتّبعوه وأعينوه ترشدوا.
وفي لفظ : يا معشر بني هاشم أطيعوا محمداً وصدّقوه تفلحوا وترشدوا.
وتوجد هذه الوصيّة (٣) في تذكرة السبط (ص ٥) ، الخصائص الكبرى (١ / ٨٧) ، السيرة الحلبيّة (١ / ٣٧٢ ، ٣٧٥) ، سيرة زيني دحلان هامش الحلبيّة (١ / ٩٢ ، ٢٩٣) ، أسنى المطالب (ص ١٠). ورأى البرزنجي هذا الحديث دليلاً على إيمان أبي طالب ونعمّا هو ، قال : قلت : بعيد جدّا أن يَعرف أنّ الرشاد في اتّباعه ويأمر غيره بذلك ثمّ يتركه هو.
قال الأميني : ليس في العقل السليم مساغ للقول بأنّ هذه المواقف كلّها لم تنبعث عن خضوع أبي طالب للدين الحنيف وتصديقه للصادع به صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإلاّ فما ذا الذي كان يحدوه إلى مخاشنة قريش ومقاساة الأذى منهم وتعكير الصفو من حياته لا سيّما أيّام كان هو والصفوة من فئته في الشعب ، فلا حياة هنيئة ، ولا عيش رغداً ، ولا أمن يُطمأنُّ به ، ولا خطر مدروءاً ، يتحمّل الجفاء والقطيعة والقسوة المؤلمة من قومه ، فما ذا
__________________
(١) أجنّه : أخفاه وستره.
(٢) الطبقات الكبرى : ١ / ١٢٣.
(٣) تذكرة الخواص : ص ٨ ، الخصائص الكبرى : ١ / ١٤٧ ، السيرة الحلبيّة : ١ / ٣٥٢ ، السيرة النبويّة : ١ / ٤٥ و ١٤٠ ، أسنى المطالب : ص ١٧.