الذي أقدمه على هذه كلّها؟ وما ذا الذي حصره وحبسه في الشعب عدّة سنين تجاه أمر لا يقول بصدقه ولا يُخبت إلى حقيقته؟ لاها الله لم يكن كلّ ذلك إلاّ عن إيمان ثابت ، وتصديق وتسليم وإذعان بما جاء به نبيّ الإسلام ، يظهر ذلك للقارئ المستشفّ لجزئيّات كلّ من هذه القصص ، ولم تكن القرابة والقوميّة بمفردها تدعوه إلى مقاساة تلكم المشاقّ كما لم تدعُ أبا لهب أخاه ، وهب أنّ القرابة تدعوه إلى الذبّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لكنّها لا تدعو إلى المصارحة بتصديقه وأنّ ما جاء به حقّ ، وأنّه نبيّ كموسى خطّ في أوّل الكتب ، وأنّ من اقتصّ أثره فهو المهتدي ، وأنّ الضالّ من ازورّ عنه وتخلّف ، إلى أمثال ذلك من مصارحات قالها بملء فمه ، ودعا إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها بأعلى هتافه.
١٥ ـ حديث عن أبي طالب :
ذكر ابن حجر في الإصابة (٤ / ١١٦) من طريق إسحاق بن عيسى الهاشمي عن أبي رافع قال : سمعت أبا طالب يقول : سمعت ابن أخي محمد بن عبد الله يقول : إنّ ربّه بعثه بصلة الأرحام ، وأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه غيره ، ومحمد الصدوق الأمين.
وذكره السيّد زيني دحلان في أسنى المطالب (١) (ص ٦) وقال : أخرجه الخطيب ، وأخرجه السيّد فخار بن معد في كتاب الحجّة (٢) (ص ٢٦) من طريق الحافظ أبي نعيم الأصبهاني ، وبإسناد آخر من طريق أبي الفرج الأصبهاني ، وروى الشيخ إبراهيم الحنبلي في نهاية الطلب عن عروة الثقفي قال : سمعت أبا طالبرضى الله عنه يقول : حدّثني ابن أخي الصادق الأمين وكان والله صدوقاً : إنّ ربّه أرسله بصلة الأرحام ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة وكان يقول : اشكر ترزق ، ولا تكفر تُعذّب.
__________________
(١) أسنى المطالب : ص ١٥.
(٢) الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب : ص ١٣٥.