الثّاني للأوّل والأوّل للثاني على حدّ قوله تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ)(١) ـ الخ.
وذو اتّصال منه ما لا يبتدا |
|
ولا يلي إلّا اختيارا أبدا |
كالياء والكاف من ابني أكرمك |
|
والياء والهاء من سليه ما ملك |
وكلّ مضمر له البنا يجب |
|
ولفظ ما جرّ كلفظ ما نصب |
ثمّ الضّمير متّصل ومنفصل فأشار إلى الأوّل بقوله (وذو اتّصال منه (٢) ما) كان غير مستقلّ (٣) بنفسه ، وهو الّذي (لا) يصلح لأن (يبتدأ) به (ولا) يصلح لأن (يلي) أي لأن يقع بعد (إلّا اختيارا أبدا) ويقع بعدها اضطرارا كقوله :
وما نبالي إذا ما كنت جارتنا |
|
ألّا يجاورنا إلّاك ديّار |
(كالياء والكاف من) نحو قولك (ابني أكرمك والياء والهاء من) نحو قولك (سليه ما ملك).
(وكلّ مضمر له البناء يجب) لشبهه بالحروف في المعنى ، لأنّ التكلّم والخطاب والغيبة من معاني الحروف (٤) وقيل في الافتقار (٥) وقيل في الوضع في كثير (٦) وقيل
__________________
(١) آل عمران ، الآية : ١٠٦.
(٢) من الضمير.
(٣) أي : لا يستعمل وحده بل ملصقا بكلمة.
(٤) المعني الحرفي كما اشرنا إليه سابقا ما لا وجود له خارجا بل في عالم الاعتبار ويستفاد منها للربط بين المعاني الخارجية كالأبتدائية والانتهائية الرابطتين بين المبدأ والمنتهى والسائر فالتكلّم والخطاب والغيبة معان من هذا القبيل إذ الموجود في الخارج هو المتكلم والكلام والمخاطب والغايب لا التكلّم والخطاب والغيبة.
(٥) لاحتياج الضمير إلى مرجع ملفوظ أو ما في حكمه للدلالة على معناه كالحروف.
(٦) كالضمائر الّتي على حرف أو حرفين.