ونحو (١) قول الفرزدق :
بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت |
|
إيّاهم الأرض في دهر الدّهارير |
الضّرورة اقتضت انفصال الضّمير مع إمكان اتّصاله.
وقبل يا النّفس مع الفعل التزم |
|
نون وقاية وليسي قد نظم |
(وقبل يا النّفس) (٢) إذا كانت (مع الفعل) متّصلة به (التزم نون وقاية) سمّيت بذلك ، قال المصنّف : لأنّها تقي الفعل من التباسه بالاسم المضاف إلى ياء المتكلّم ، إذ لو قيل في ضربني ضربي لالتبس بالضّرب (٣) وهو العسل الأبيض الغليظ ومن التباس أمر مؤنثّه بأمر مذكّره ، إذ لو قلت : أكرمي بدل أكرمني قاصدا مذكّرا لم يفهم المراد. (٤) وقال غيره : (٥) لأنّها تقيه (٦) من الكسر المشبه للجرّ للزوم كسر ما قبل الياء.
(وليسي) بلا نون (قد نظم) قال الشاعر :
عددت قومي كعديد الطّيس |
|
إذ ذهب القوم الكرام ليسي |
ولا يجيء في غير النّضم إلّا بالنون كغيره (٧) من الأفعال كقولهم «عليه رجلا ليسني» بالنون.
__________________
(١) نحو مبتداء والضرورة خبره ، وهذا استدراك من قول المصنف (وفي اختيار لا يجىء المنفصل تأتي ...) ففي قول الفرزدق يمكن الاتصال فيقال : ضمنتهم الأرض لكن الضرورة في الشعر اقتضت الانفصال.
(٢) أي : ياء المتكلّم.
(٣) بتحريك الراء فيتخيّل السامع أنّه قال عسلي.
(٤) فيتخيّل السامع أن المخاطب امرأة.
(٥) أي : غير المصنف في وجه تسمية نون الوقاية.
(٦) أي : لأن نون الوقاية تقي الفعل من الكسرة على لام الفعل ، والكسرة في آخر الكلمة شبيه بالجرّ والفعل برىء من الجرّ ، وهذا يلزم إذا اتصل الياء بالفعل ، للزوم كسر ما قبل الياء.
(٧) أي : غير ليس.