هذا باب الإبتداء
وقدّم أحكام المبتدأ على الفاعل تبعا لسيبويه. وبعضهم يقدّم الفاعل وذلك (١) مبنيّ على القولين في أنّ أصل المرفوعات هل هو المبتدأ أو الفاعل؟
وجه الأوّل (٢) أنّ المبتدأ مبدوّية الكلام ، وأنّه لا يزول عن كونه مبتدأ وإن تأخّر ، والفاعل يزول فاعليّته إذا تقدّم وأنّه عامل ومعمول ، والفاعل معمول ليس غيره. ووجه الثّاني (٣) أنّ عامله لفظيّ ، وهو أقوى من عامل المبتدأ المعنويّ وأنّه إنّما رفع للفرق بينه وبين المفعول وليس المبتدأ كذلك والاصل في الإعراب أن يكون للفرق بين المعاني.
__________________
(١) يعني : تقديم أي من المبتداء والفاعل في الذكر.
(٢) أي : وجه كون المبتدا أصلا في المرفوعات أمور ثلاثة :
الأول : إنه يقع في أول الكلام فله الشرف المكاني.
والثاني : إنه ثابت على الابتدائية سواء تقدّم على الخبر أو تأخر عنه نحو زيد في الدار وفي الدار زيد.
والثالث : إنه عامل ومعمول في آن واحد لأنه عامل في الخبر ومعمول للابتدائية بخلاف الفاعل في الأمور الثلاثة لعدم جواز تقدّمه على عامله ، وأنه إذا تقدّم على عامله يزول فاعليته ويصير مبتداء ، وأنه معمول فقط وليس بعامل.
(٣) أى : وجه كون الفاعل أصلا أمران :
الأول : ان عامله لفظى ، وهو الفعل وشبهه ، والأصل في العامل أن يكون لفظيّا.
والثانى : ان الفاعل انّما رفع للفرق بينه وبين المفعول ، والأصل في الإعراب أن يكون للفرق بين المعانى.