ويمكن المطالبة بسبب الضعف ، فإنّ البخاري ذكره في تاريخه (١) ولم يطعن فيه ، وعادته ذكر الجرح والمجروحين ، وقد نصّ أحمد وابن عباس قبله : إنّ المسافر إذا تزوّج لزمه الإتمام ، وهذا قول أبي حنيفة رحمهالله ، ومالك وأصحابهما ، وهذا أحسن ما اعتذر به عن عثمان. انتهى.
قال الأميني : لو كان عثمان لهج بهذه المزعمة في وقته على رءوس الأشهاد ، وكان من المسلّم في الإسلام أنّ التزويج من قواطع السفر ـ وليس كذلك ـ لما بقيت كلمة مطويّة تحت أستار الخفاء حتى يكتشفها هذا الأثريّ المتمحّل ، أو يختلقها له رماة القول على عواهنه.
ثمّ لأيّ شيء كانت ، والحالة هذه ، نقود الصحابة الموجّهة إلى الرجل؟ أو لم يسمعوه لمّا رفع عقيرته بعذره الموجّه؟ أو سمعوه ولم يقيموا له وزنا؟ أو أنّ الخطاب من ولائد أمّ الفرية بعد منصرم أيّامه؟
على أنّ النكاح لا يتمّ عند القوم إلاّ بشاهدين عدلين ، وورد عن ابن عبّاس : «لا نكاح إلاّ بأربعة : وليّ ، وشاهدين ، وخاطب» (٢) ، فأين كان أركان نكاح الخليفة يوم توجيه النقود إليه؟ حتى يدافعوا عنه تلك الجلبة واللغط.
ومتى تأهّل الرجل بهذه المرأة الموهومة قاطعة السفر له؟ وما المسوّغ له ذلك وقد دخل مكة محرماً؟ وكيف يشيع المنكر ويقول : تأهّلت بمكة مذ قدمت؟ ولم يكن متمتّعاً بالعمرة ـ لأنّه لم يكن يبيح ذلك أخذاً برأي من حرّمها كما يأتي تفصيله ـ حتى يقال : إنّه تأهّل بين الإحرامين بعد قضاء نسك العمرة ، فهو كان لم يزل محرماً من مسجد الشجرة حتى أحلّ بعد تمام النسك بمنى ، فيجب أن يكون إتمامه الصلاة إن
__________________
(١) التاريخ الكبير : ٧ / ٥٠ رقم ٢٢٧.
(٢) سنن البيهقي : ٧ / ١٢٤ ـ ١٢٧ ، ١٤٢. (المؤلف)