وهذا عبد الرحمن بن عوف لم يكن يرى للخليفة عذراً فيما أتى به من إتمام الصلاة في السفر ، ويقول له مجيباً عن أعذاره : ما من هذا شيء لك فيه عذر. ويسمع منه قوله : إنّه رأي رأيته. خلافاً للسنّة الثابتة ، ومع ذلك كلّه يصلّي أربعاً بعد ما سمع من بن مسعود بأنّ الخلاف شرّ (١). لما ذا كانت مخالفة عثمان شرّا ، ولم تكن مخالفته ومخالفتهم على ناموس الشريعة ونبيّها شرّا؟ دعني واسأل الصحابة الأوّلين.
وهذا عليّ أمير المؤمنين المقتصّ الوحيد أثر النبيّ الأعظم يؤتى به للصلاة ـ كما مرّ في (ص ١٠٠) ـ فيقول : «إن شئتم صلّيت بكم صلاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ركعتين». فيقال له : لا إلاّ صلاة أمير المؤمنين عثمان أربعاً. فيأبى ولا يبالون.
نعم ، لم تكن الأحكام عند أُولئك الخلفاء الذين أدخلوا آراءهم الشاذّة في دين الله والذين اتّبعوهم إلاّ سياسة وقتيّة يدور بها الأمر والنهي ، ويتغيّر بتغيّرها الآراء حيناً بعد حين ؛ فترى الأوّل منهم يقول على رءوس الأشهاد : لئن أخذتموني بسنّة نبيّكم لا أطيقها. وقد جاء النبيّ الأعظم بسنّة سهلة سمحة. ويقول : إنّي أقول برأيي إن يك صواباً فمن الله ، وإن يك خطأً فمنّي ومن الشيطان. راجع الجزء السابع (ص ١٠٤ ، ١١٨ ، ١١٩).
ويأتي بعده من يفتي بترك الصلاة للجنب الفاقد للماء ولا يبالي ، وقد علّمه النبيّ الأعظم التيمّم فضلاً عمّا في الكتاب والسنّة. راجع (٦ / ٨٣).
وكان لم يقرأ بفاتحة الكتاب في الركعة الأولى ، ويكرّرها في الثانية تارة ، وأُخرى لم يقرأها في ركعاتها ، ويقتصر على حسن الركوع والسجود ، وطوراً يتركها ولم يقرأ شيئاً ثمّ يعيد. راجع (٦ / ١٠٨).
وكان ينهى عن التطوّع بالصلاة بعد العصر ، ويضرب بالدرّة من تنفّل بها ،
__________________
(١) راجع من هذا الجزء : ص ٩٩. (المؤلف)