قال الأميني : هذا مبلغ فقه الخليفة إبّان خلافته وبين يديه قوله تعالى : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا)(١).
قال الشافعي في كتاب الأمُ (٢) (١ / ٣١) : فأوجب الله عزّ وجلّ الغسل من الجنابة ، فكان معروفاً في لسان العرب أنّ الجنابة الجماع وإن لم يكن مع الجماع ماء دافق ، وكذلك ذلك في حدّ الزنا وإيجاب المهر وغيره ، وكلّ من خوطب بأنّ فلاناً أجنب من فلانة عقل أنّه أصابها وإن لم يكن مقترفاً ، قال الربيع : يريد أنّه لم ينزل.
ودلّت السنّة على أنّ الجنابة أن يفضي الرجل من المرأة حتى يغيب فرجه في فرجها إلى أن يواري حشفته ، أو أن يرى الماء الدافق ، وإن لم يكن جماع. انتهى.
وقال في اختلاف الحديث في هامش كتاب الأُم (٣) (١ / ٣٤) : فكان الذي يعرفه من خوطب بالجنابة من العرب أنّها الجماع دون الإنزال ، ولم تختلف العامّة أنّ الزنا الذي يجب به الحدّ الجماع دون الإنزال ، وأنّ من غابت حشفته في فرج امرأة وجب عليه الحدّ ، وكان الذي يشبه أنّ الحدّ لا يجب إلاّ على من أجنب من حرام. انتهى.
وفي تفسير القرطبي (٤) (٥ / ٢٠٤) : الجنابة : مخالطة الرجل المرأة. والجمهور من الأُمّة على أنّ الجنب هو غير الطاهر من إنزال أو مجاوزة ختان. انتهى.
ثمّ كيف عزب عن الخليفة حكم المسألة ، وقد مرّنته الأسؤلة ، وعلّمته الجوابات النبويّة ، وبمسمع منه مذاكرات الصحابة لما وعوه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإليك جملة منها :
__________________
(١) النساء : ٤٣.
(٢) كتاب الأم : ١ / ٣٦.
(٣) اختلاف الحديث : ص ٤٩٦.
(٤) الجامع لأحكام القرآن : ٥ / ١٣٣.