والآخر أنّه كان يقع في الخطبة في مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ويسبُّه ويلعنه فتتفرّق عنه الناس لذلك ، فقدّمها على الصلاة لئلاّ يجفلوا فيسمعوا العظائم ويصيخوا إلى ما يلفظ به من كبائر وموبقات. راجع تفصيلاً أسلفناه صفحة (١٦٤ ـ ١٦٧) من هذا الجزء.
ويستظهر ممّا سبق (ص ١٦٦) من كلام عبد الله بن الزبير : كلُّ سنن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد غيّرت حتى الصلاة. إنّ تسرّب التغيير ولعب الأهواء بالسنن لم يكن مقصوراً على الخطبة قبل الصلاة فحسب ، وإنّما تطرّق ذلك إلى كثير من الأحكام كما يجده الباحث السابر أغوار السير والحديث.
٣ ـ سبّه لمولانا أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام وكان الرجل كما قال أُسامة بن زيد فاحشاً متفحّشاً (١).
الحجر الأساسي في ذلك هو عثمان جرّأ الوزغ اللعين على أمير المؤمنين يوم قال له : أقد مروان من نفسك. قال عليهالسلام : «ممّ ذا؟» قال : من شتمه وجذب راحلته. وقال له : لِمَ لا يشتمك؟ كأنّك خير منه! (٢) وعلاّه معاوية بكلّ ما عنده من حول وطول ، لكن مروان تبعه شرّ متابعة ، ولم يأل جهداً في تثبيت ذلك كلّما أقلّته صهوة المنبر ، أو وقف على منصّة خطابة ، ولم يزل مجدّا في ذلك وحاضّا عليه حتى عاد مطّرداً بعد كلّ جمعة وجماعة في أيّ حاضرة يتولّى أمرها ، وبين عمّاله يوم تولّى خلافة هي كلعقة الكلب أنفه تسعة أشهر كما وصفها مولانا أمير المؤمنين ، ولم تكن هذه السيرة السيّئة إلاّ لسياسة وقتيّة ، وقد أعرب عمّا في سريرته بقوله ، فيما أخرجه الدارقطني من طريقه عنه ، قال : ما كان أحد أدفع عن عثمان من عليّ. فقيل له : ما لكم تسبُّونه على المنابر؟ قال : إنّه لا يستقيم لنا الأمر إلاّ بذلك (٣).
__________________
(١) الاستيعاب في ترجمة أُسامة [القسم الأول / ٧٧ رقم ٢١]. (المؤلف)
(٢) يأتي حديثه تفصيلاً في قصة أبي ذر في هذا الجزء إن شاء الله تعالى. (المؤلف)
(٣) الصواعق لابن حجر : ص ٣٣ [ص ٥٥]. (المؤلف)