وولدك ذكرت بكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فشكا مروان إلى عثمان ما فعل به عليُّ بن أبي طالب ، فقال عثمان : يا معشر المسلمين من يعذرني من عليّ؟ ردّ رسولي عمّا وجّهته له وفعل كذا والله لنعطينّه حقّه. فلمّا رجع عليّ استقبله الناس (١) فقالوا : إنّ أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أبا ذر. فقال عليّ : «غضب الخيل على اللجم» (٢). ثمّ جاء. فلمّا كان بالعشيّ جاء إلى عثمان فقال له : ما حملك على ما صنعت بمروان واجترأت عليّ ورددت رسولي وأمري؟ قال : «أمّا مروان فإنّه استقبلني يردُّني فرددته عن ردّي؟ وأمّا أمرك فلم أردُّه» قال عثمان : أوَلم يبلغك أنّي قد نهيت الناس عن أبي ذر وعن تشييعه؟ فقال عليّ : «أوَكلّ ما أمرتنا به من شيء نرى طاعة لله والحقّ في خلافه اتّبعنا فيه أمرك؟ بالله لا نفعل». قال عثمان : أقد مروان. قال : «وما أقيده»؟ قال : ضربت بين أُذني راحلته (٣) قال عليّ : «أمّا راحلتي فهي تلك فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فليفعل ، وأمّا أنا فو الله لئن شتمني لأشتمنّك أنت مثلها بما لا أكذب فيه ولا أقول إلاّ حقّا» قال عثمان : ولِمَ لا يشتمك إذا شتمته ، فو الله ما أنت عندي بأفضل منه. فغضب عليّ بن أبي طالب وقال : «إليّ تقول هذا القول؟ وبمروان تعدلني؟ فأنا والله أفضل منك ، وأبي أفضل من أبيك ، وأُمّي أفضل من أُمّك ، وهذه نبلي قد نثلتها وهلمّ فأقبل بنبلك». فغضب عثمان واحمرّ وجهه فقام ودخل داره وانصرف عليّ فاجتمع إليه أهل بيته ورجال من المهاجرين والأنصار ، فلمّا كان من الغد واجتمع الناس إلى عثمان شكا إليهم عليّا وقال : إنّه يعيبني ويظاهر من يعيبني
__________________
(١) هذه الجملة تعرب عن غيبة الإمام عليهالسلام عن المدينة المشرّفة في تشييع أبي ذر أيّاماً وتقرّب ما قاله الأُستاذ عبد الحميد جودت السحّار المصري في كتابه الاشتراكي الزاهد : ص ١٩٢ : ومضى عليّ ورفقاؤه مع أبي ذر حتى بلغوا الربذة فنزلوا عن رواحلهم وجلسوا يتحدّثون. (المؤلف)
(٢) مجمع الأمثال : ٢ / ٤١٢ رقم ٢٦٦٢. مثل يضرب لمن يغضب غضباً لا ينتفع به ، واللُجم جمع لجام : الحديدة في فم الفرس.
(٣) في العبارة سقط يظهر في الجواب وسيأتي صحيحها بُعيد هذا إن شاء الله. (المؤلف)