قال : ولِمَ؟ قال : تقدم على قوم أهل شبه وطعن في الأُمّة؟ قال : فأخرج إلى مصر. قال : لا. قال : فإلى أين أخرج؟ قال : حيث شئت. قال أبو ذر : فهو إذن التعرّب بعد الهجرة أأخرج إلى نجد؟ فقال عثمان : الشرف الأبعد أقصى فأقصى ، امض على وجهك هذا ولا تعدونّ الربذة فسر إليها. فخرج إليها.
وقال اليعقوبي : وبلغ عثمان أنّ أبا ذر يقعد في مجلس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويجتمع إليه الناس فيحدّث بما فيه الطعن عليه ، وأنّه وقف بباب المسجد فقال : أيُّها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، أنا جندب بن جنادة الربذيّ ؛ (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١). محمد الصفوة من نوح ، فالأوّل من إبراهيم ، والسلالة من إسماعيل ، والعترة الهادية من محمد ، إنّه شرُف شريفهم واستحقّوا الفضل في قوم هم فينا كالسماء المرفوعة ، وكالكعبة المستورة ، أو كالقبلة المنصوبة ، أو كالشمس الضاحية ، أو كالقمر الساري ، أو كالنجوم الهادية ، أو كالشجر الزيتونيّة أضاء زيتها وبورك زيدها (٢) ومحمد وارث علم آدم وما فضّلت به النبيّون. إلى أن قال :
وبلغ عثمان أنّ أبا ذر يقع فيه ويذكر ما غيّر وبدّل من سنن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسنن أبي بكر وعمر فسيّره إلى الشام إلى معاوية ، وكان يجلس في المجلس (٣) فيقول كما كان يقول ، ويجتمع إليه الناس حتى كثر من يجتمع إليه ويسمع منه ، وكان يقف على باب دمشق إذا صلّى صلاة الصبح فيقول : جاءت القطار تحمل النار ، لعن الله الآمرين بالمعروف والتاركين له ؛ ولعن الله الناهين عن المنكر والآتين له. فقال :
وكتب معاوية إلى عثمان : إنّك قد أفسدت الشام على نفسك بأبي ذر. فكتب
__________________
(١) آل عمران : ٣٣ و ٣٤.
(٢) ولعلّ الصحيح زندها ، كما في بعض المصادر [وفي الطبعة المعتمدة لدينا : زبدها]. (المؤلف)
(٣) في المصدر : في المسجد.